الجمعة، 2 أكتوبر 2020

الدكرورى يكتب عن أبو العاص بن الربيع ( الجزء الثانى )




إعداد / محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء الثانى مع أبو العاص بن الربيع صهر النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فهو زوج ابنته الكبرى السيده زينب، وقد وقفنا عندما كانت السيده خديجة بنت خويلد، قد طلبت من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، تزويجها إياه، والذي كانت تعده بمنزلة ولدها، وقد كان ذلك قبل بعثة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان عمرها يومئذ أقل من عشرة أعوام، ولما بُعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أسلمت السيده زينب وبقي زوجها أبو العاص على دينه، وجعلت قريش تدعو أبا العاص لمفارقة زوجته زينب، فكان يردّ عليهم بقوله "لا والله، إني لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش " فبقيت زينب عند زوجها كل على دينه. 


وقد أنجبت السيده زينب من زوجها أبي العاص ولدا وبنتا، فأما الولد فاسمه علي، وقد مات وهو صغير، والبنت اسمها أمامة وقد تزوجها علي بن أبي طالب، بعد وفاة السيده فاطمة الزهراء، وقد تزوجها المغيرة بن نوفل بعد وفاة علي بن أبي طالب، وهي التي ورد في حديث نبوي أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حملها على عاتقه في صلاة الفجر، وكان ذلك بعد هجرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة المنورة، وقد خرج أبو العاص مع قريش محاربا ضد المسلمين في غزوة بدر فى السنة الثانيه من الهجره، وبقيت زوجته السيده زينب في مكة، ومع انتهاء الغزوة لصالح المسلمين، وقع أبو العاص أسيرا بأيدي المسلمين، وكان الذى أسره اسمه خراش بن الصمة. 


ولما أرسل أهل مكة الأموال في فداء أسراهم، أرسلت السيده زينب في فداءه بقلادة كانت لها من أمها السيده خديجة بنت خويلد، فتأثر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لذلك، وقال لأصحابه الذين أسروه " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا " فأطلقوا سراحه وردوا مالها، وقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد اشترط على أبي العاص أن يخلي سبيلها ويأذن لها بالهجرة إلى المدينة المنورة، فوفى بذلك، وبعد إطلاق سراح زوجها وعند وصوله مكة أمرها زوجها باللحوق بأبيها في المدينة المنورة وفاء لوعده، فبدأت زينب بالتجهّز للرحلة، وعرضت هند بنت عتبة مساعدتها فرفضت وأنكرت تجهّزها خوفا منها، ولمّا انتهت من جهازها، جاءها أخو زوجها كنانة بن الربيع. 


فحملها على بعير له فركبته وهي في هودج، فخرج بها نهارا حاملا قوسه معه يحرسها، فعلمت بذلك قريش ولحقوا بها، وكان أول من سبق إليها رجل يُدعى هبّار بن الأسود وآخر اسمه نافع بن عبد قيس، فأخافها هبّار برمح له وهي في الهودج، وتذكر الروايات أنها كانت حاملا، فلمّا خافت أسقطت حملها، وتفاوض أبو سفيان مع كنانة بأن يرجع بها إلى مكة وينطلق بها سرا ليلا خوفا من لئلا يتحدث أهل مكة بذلك، ففعل كنانة ذلك، وسلمها لزيد بن حارثة ورجل آخر كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد أرسلهما بعد غزوة بدر بشهر لاصطحابها إلى المدينة، وقد أرسل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لاحقلا سرية لقتل هبّار ونافع، فقال صلى الله عليه وسلم. 


" إن ظفرتم يهبار بن الأسود أو الرجل أى نافع بن عبد قيس الذى سبق معه إلى زينب فحرقوهما بالنار " ثم في اليوم التالي أرسل صلى الله عليه وسلم للسريّة قائلا " إنى كنت أمرتكم بتحريق هذين الرجلين إن أخذتموهما، ثم رأيت أنه لا ينبغى لأحد أن يعذب بالنار إلا الله عز وجل، فإن ظفرتم بهما فاقتلوهما " وكان بعد انتقال السيده زينب للعيش في المدينة المنورة، قد بقي أبو العاص مقيما في مكة، وفي العام الثامن من الهجره، وقبل فتح مكة بقليل، سافر أبو العاص بمال له لبعض قريش متاجرا إلى الشام، فلمّا عاد اعترضته أحد سرايا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأخذوا ما معه من مال، فذهب أبو العاص ودخل المدينة المنورة ليلا، واستجار بزوجته السيده زينب، فصرخت بالناس فجرا وهم يصلون. 


" أيها الناس، إنى قد أجرت أبا العاص بن الربيع " فأقرّ ذلك النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بقوله " إنه يجير على المسلمين أدناهم " ثم طلب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ممن أغاروا عليه وسلبوا ماله أن يردوا عليه ماله، ففعلوا، ثم عاد بأمواله كاملة إلى مكة وأعاد أموال قريش لهم، ثم أعلن إسلامه وعاد مهاجرا إلى المدينة المنورة، وعند وصوله المدينة المنورة ردّ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ابنته زينب إلى أبي العاص كزوجة له بعقد نكاح ومهر جديدين، وقيل على عقد نكاحها الأول، وقد توفيت السيده زينب في حياة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في العام السابع أو الثامن من الهجره، وكان عمرها يقارب تسعه وعشرون سنه. 


ويُروى في سبب موتها أنها مرضت بسبب ما تعرضت له أثناء هجرتها إلى المدينة المنورة من إسقاط حملها، فلم يزل بها المرض حتى ماتت، وقال عبد الله بن عباس رضى الله عنهما " لمّا ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، على شفير القبر وفاطمة تبكي، فجعل يأخذ ثوبه فيمسح عينيها فبكين النساء، فضربهن عمر بسوطه، فقال: يا عمر دعهن، فإن العين دامعة والنفس مصابة، ابكين وإيّاكن وبقيعة الشيطان، فإنه ما يكن من القلب والعين فمن الله، وما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان " وأبو العاص بن الربيع كانت بنته هى السيده أمامة بنت أبي العاص، وهى إحدى أحفاد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهى من أكبر بناته زينب.


وقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يحبها ويحملها على عاتقه وهو يصلي، وقد ولدت أمامة في حياة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد توفيت أمها وهي صغيرة لتعيش بكفالة جدها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أحبها كثيرا، وكان يخصها بالهدايا، فقد روت السيده عائشة بنت أبي بكر رضى الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهديت له قلاده من جزع، فقال صلى الله عليه وسلم، لأدفعها إلى أحب أهلى لى، فقال النساء ذهبت بها ابنة أبى قحافه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمامه بنت زينب فأعلقها فى عنقها " وقد كان أبوها قبيل وفاته فى العام الثانى عشر من الهجره، قد أوصى أن يتزوجها الزبير بن العوام.


إلا أن الزبير قد زوجها من علي بن أبي طالب بعد وفاة زوجته فاطمة بنت محمد، وقد ولدت للإمام علي رضى الله عنه، إبنه محمد الأوسط، وكان من مواقف أبو العاص، أنه عندما دعا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، رجال السرية التي أخذت العير وأسرت الرجال وقال لهم " إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم، وقد أخذتم ماله، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له، كان ما نحب، وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم، وأنتم به أحق " فقالوا: "بل نرد عليه ماله يا رسول الله" فردوه كله له، ثم ذهب به إلى مكة، فأدى إلى كل ذي مال ماله، ثم قال " يا معشر قريش، هل بقي لأحد منكم عندي شيء ؟ قالوا، لا، فجزاك الله خيرا، قال : فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. 


والله ما منعني من الإسلام عنده إلا خوف أن تظنوا أني إنما أردت أكل أموالكم، ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس قال، رد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، زينب على النكاح الأول، ولم يحدث شيئا، وتوفي أبو العاص بن الربيع فى السنه الثانيه عشر من الهجره، بعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بسنة واحدة، وهكذا هى الدنيا ونهايتها فإنها لن تدوم لأحد فلا بد أن نذكر أشكال الموت ومصارعه، والأموات الذين مضوا من قبلنا نتذكر موتهم، ومصارعهم تحت التراب، ونتذكر صورهم في مناصبهم، تذكر فلان الفلاني وفلان وفلان الذي كان يشغل منصب كذا، ومكان كذا، وله من الأموال كذا وكذا، أين هو الآن؟ وقد أصبح يقولون دار المرحوم فلان، وهؤلاء أولاد المرحوم فلان.


***********************


***********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة