السبت، 28 مارس 2020

غريب في وطني



     بقلم : نورهان البطريق

مؤلم أن تعاصر  كل تلك  الأحداث  وانت  مازلت  في  العشرينات  من  عمرك.
مؤلم  أن  يحاصرك  كل  هذا  الفراغ  في  الوقت  الذي من  المفترض  أن تكون  منهمكاً  فيه  بتحقيق أحلامك  ومنشغلاً  فيه بتحقيق طموحاتك.
مؤلم ألا  يقتصر الأمر على أن  تكون  مجبراً  على التعامل كل  يوم  مع عالم  خارجي لا يشبهك  ، بل  يزداد  الأمر سوءاً  بأن  تنساق -رغماً عنك -لتصبح  جزءاً من  مشهد سياسي لم تكن  يوماً  ترغب بالمشاركة به.
مؤلم  أن تترنح  سنوات  عمرك  بين  ثورات و نزاعات لا تمثلك ،وصراعات  وتناحرات لا تعنيك ولا تشغلك.
مؤلم  أن تعتاد  عيناك على  رؤية  شوارع  الحي  يخلو  من  أقرانك  و أبناء  جيلك  رغم  أن أعمارهم  تخبرنا  انهم  في  ريعان  شبابهم  ،إلا  أن  الفجوة التي بينهم وبين قادة أوطانهم قد اتسعت  للحد الذي جعلهم ينضموا  إلى  أجدادهم باكراً
مؤلم  أن  تعتاد  أذناك  على  سماع  "حظر  التجوال " ،فتجد نفسك تلقائيا ً تلتزم  بالتعليمات  بروح  يملؤها  اليأس  والاحباط ...روح  لم  تعد  تنتظر  الغد،  خوفاً  من  أن  يزداد  الأمر  تعقيداً  ،بل أصبحت كل  ماتطمح به  أن  يمر  يومها  بسلام.
مؤلم  أن  تنطفىء  لدرجة  التي  لا تجعلك تتطلع  إلى  المستقبل ،بل صرت  تحلم  أكثر  وأكثر بأن  تعود  إلى  الوراء ، بعدما  كنت  تتوق  إلى  أن تشب سريعاً  لتتجاوز  مرحلة  الطفولة  لتلحق  بمرحلة الشباب.
مؤلم أن   تجد صديقك  الذي  أقسمك لك أنه لن يفارقك، يفر  إلى  الغربة  لأن طاقته  قد  نفدت  في  تحقيق شيء  بات  مستحيلاً  داخل  وطنه.
مؤلم  بعد  أن تمر بكل  هذا  العبث  والهراء ، أن تجد نفسك   مطالب  بأن  تنجب  جيلاً  محباً  لوطنه  ، وكلما   دار حديثاً   بينك  وبينه، استعنت  بخيالك  بدلا  من  واقعك  المتهالك ، وأخذت تخالف  قناعاتك  لتوهمه  بمستقبله  المشرق  و غد الذي ينتظره ليشمله  في كنفه.
مؤلم  أن  تكون  مقيداً، مكبلاً ، محاصراً ، في  الوقت  الذي  من المفترض   أن  يكفل  لك  وطنك  كافة  الحقوق  والحريات.

***********************


***********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة