الأربعاء، 25 أكتوبر 2017

دراسة نقدية لديوان “ترانيم عاشقة” للشاعرة بلحاج سميرة – بقلم الكاتب الصحفي -محمد عجم



الدراســـة النقدية

الكاتب الصحفى : محمد عجم

قلت ولازلت أقول أن الشاعرة سميرة بلحاج كاتبة

من نوع خاص ، كأنها بالفعل ولدت ككاتبة قبل أن تبدأ

فقد قرأت من قبل لها على صفحات

رابطة عزف الأقلام العربية التي يرأسها

الشاعر المصري صاحب الإحساس الراقي سيد منير عطية

قرأت نص ” أسطورتي ” وقدمت لها دراسة نقدية

لذاك النص رؤية نقدية على صفحات الرابطة

في السابق وقلت حينها أنه عندما عانقت عيناي

ذاك النص وكأنه عقد معاهدة معي

على قراءته مرات ومرات

أثناء عمل الدراسة النقدية لديوانها ” ترانيم عاشقة

ولازلت أتوق إلى نقده مرات ومرات

لاستخراج أروع الكلمات وأجمل الهمسات

وأرق اللمسات الفنية والصور الشعرية

والتعبير اللّغوي الجامح والنص الإبداعي

المتميّز للكاتبة المتمكنة برغم أنه

أول تجاربها الشّعرية إلا أنها لمفرداتها

موسيقى شعرية ذات إحساس خاص.

لن أكتب شيئا عن ” أسطورتي ” مرة أخرى

ليس لأنني لا أريد الكتابة ثانية في ذاك النص

الغني جدا بمواطن النقد الكثيرة ،

فقصيدة أسطورتي تحتاج إلى صفحات وصفحات

ولكن عندما بدأت أطوف بقصائد الديوان

وأتجول وأتنقل وجدتها بدأت بالقسم الإيماني

في قصيدة ” طيفك وأنا ” قائلة :-

قسماً بالذي نفخ في القلوب الهوى

أنّي عشقتك مثقال حبّات البَرى

كانت رائعة في إقتباسها بدء قصيدتها

” طيفك وأنا” بالقسم كونه اقتباس

رائع من القرآن الكريم مع الفارق طبعا ،

فرب العزةّ سبحانه وتعالى بدأ بالقسم

في بعض سور القرآن الكريم كسورة

“ق “والقرآن المجيد ، وسورة “طه “

ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ،

وسورة والنجم إذا هوى ، ما ضلّ صاحبكم وما غوى ،

وسورة يس والقرآن الحكيم ،

وكأن الكاتبة تحفظ القرآن الكريم فأوحت

إليها نفسها بهذا الإقتباس الإيماني الرّائع

وأقول مع الفارق في التشبيه بالطبع ،

ممّا زاد النص جمالا وروعة ، فضلا

عن مفرداتها الفصحى الجميلة الغير

رائجة لغويا ” كحبات البرى ، وأنفاس الورى

، وجنبني الردى ومسح عن نبضي الكرى ،

وكلها مفردات لغوية لا تجد رواجا

سوى بين المثقفين في كتاباتهم ، وليس

كل المثقفين إلا من رحم ربى وحفظ

بعضا من آيات الذكر الحكيم

ثُم قرأت بين قصائد الديوان ” اللّبلابة الحالمة ،

وأعياد نبضي ، وخذنني معك ،

إليك أكتب رسالتي ، ترانيم من الجنة ، دعوات عاشقة ،

خذنني إليك طفلة شقية ، أمانتي ، في حياتك من أنا ؟

إلى أن استوقفتني قصيدة أنا الموقعة أدناه

ويالها من همسات تخلّلت الكلمات ،

ولمسات تخلّلت الآهات حين قالت أنا

الموقعة أدناه ، في وعيي وثمالتي ،

أقر وأعترف وخمر روحي بعينيك يعتصر ،

كل العشق أنت ملء العين وخاطري ،

ألهذا الحد وصل إقراراها واعترافها في

الوعى وحتى في الثُمالة ، ومفردة أو لفظ الثُمالة

يأتي هنا لشدّة إعترافها بما تُقرّه فالثّمالة

تصل إلى حدّ المغشي عليه !

ثم عادت لتؤكد

أن العشق بات يعتصر بعيني حبيبها فشدت قائلة:-

أقرُّ وأعترفُ وخمر روحي بعينيكَ يعتصرُ

أنت ملء العين وخاطري

وعيناك سماء لغير جنوني لا تتسع

يالها من كاتبة امتلكت كل أدوات الشعر

المعروف منه وغيره ، لذا كان توظيفها

لبعض المفردات أقوى وأعم وأشمل للقارئ

الذى يعلم او يدري أصول اللّغة وكذا المفردة

وتوظيفها توظيفاً صحيحا لخدمة النص الشعرى

وقد طافت بنا الشاعرة إلى النجوم في تلك السماء

الصافية الزُرقة ولم تشوبها غيمات السُحب فقالت:-

تلملم النجوم من جيب الغسقِ

لتحيطني بحضنٍ بين

الكفّين وخيمة المطرِ

وتنفث فيهما الأمان

وهمستين بالتي هي أحسنُ

فينقلب عمري نشوة

العاشق المنتصرِ

اختارت الكاتبة أدقّ التعبيرات اللغويةّ في

أبياتها السابقة فأعطت للنص جمالاً وروعة

ودقة ورونقاً في حضن حبيبها الذي

احتواها بكفّيه وخيمة المطر الهابط من

السماء الصافية الذى لملم نجومها من جيب الغسق

تشبيه رائع وصورة جمالية أروع وخيال

جامح احتوى بين طياته كل فنون وصور العشق

الرومانسي الذي ندُر بحقبتنا هذه

عادت الكاتبة إلى اقتباسها الإيماني

من القرآن الكريم ، فكما قلت أنه

يزيد النص جمالا وروعة فغردت قائلة:-

بقدر قوارير النبيذ ألفا

وأنهارُ خمرٍ لا تنقطعُ

وأنا بعدد حبّات الدلال

وعن طيب خاطرٍ

أبعثر نبضك ونحن

لأطراف القبل نتجاذب

والقوارير هنا لفظة صريحة من مفردات

القرآن الكريم حيث قال رب العزة سبحانه

وتعالى في سورة الإنسان ” كانت قوارير ،

قوارير من فضة قدروها تقديرا ” صدق الله العظيم

يعنى باختصار أبدعت الكاتبة التي امتلكت

الأدوات والمفردات اللغوية لخدمة

النص الشعري إبداعا أيُّما إبداع

ثم أنهت الكاتبة للحب نهايته الطبيعية

وكأنها بالجنة التي تحوى أنهار الخمر

التي لا تنقطع ،وأنا بعدد حبات الدلال

وعن طيب خاطر ، أبعثر نبضك ونحن

لأطراف القبل نتجاذبُ

أحسنت بل أبدعت الكاتبة في نهاية قصيدتها

التي أنهت معها النهاية السعيدة كأي فيلم سينمائي

لأى محبوبين تكون النهاية الطبيعية

أن يتجاذبا أطراف القبل

وبهذه النهاية السعيدة المجردة من كل

الآلام والأحزان أرادت بها الكاتبة المتمكنة

لغويا أن تُنهى بها قصيدتها الرائعة

التي لاقت صدى واسعا واستحسانا بديعا

بنفسي التواقة إلى مثل تلك النصوص

ثم تطرقتُ إلى القصيدة المسمى باسمها

الديوان ” ترانيم عاشقة

فهزتني بدايتها بقول الشاعرة:-

يا جمال الكون الذي هزّني

كم رتّلتُ فنّ الهوى لكن

إلى مسمعك ما كنت أرسل

ما بقلبي كان يُشعَلْ

بعطور شرقية أم ريح عاتية ؟؟

صدقاً في الحب لا أعلم!

ما كل هذا الرقى ، وتلك المشاعر الفياضة

التي تؤجج مسامع وعيون من يقرأ هذه الترانيم

فقد نثرت بعضا من التراتيل إلى مسامعنا

التي ملت الرداءة من الكلمات والألفاظ التي

ملأت بعضا من قصائد الوافدين على

أبيات الشعر ودروبه وكذا جنبات قصائدهم

ثم قالت الشاعرة وهى تُغرّد بقهوتها

الصباحية التي نثرتها بصباحاته الماسية

فاستقبلت الشمس قبل شروقها :-

نثرت قهوتي في صباحاتك الماسية

وإستقبلتُ الشمس قبل الشروق

ثم أبدعت كعادتها حين قالت مغردة بسماء

قصيدتها وحملها من الحب ثقل ما لا تُطيقه:-

حَمَلْتُ من الحب وما أعجزني

اللّهاث وراء المحال المُثقل

فكان لي على كفّيك ما

لم يحلم به البشر يوماً

وبما نُكِب العاشقون قبلاً

قسماً لن يمسّك وبه أنا لن أُنكبْ

تبصّري في طيات النظرات

وفى ترانيمها الأخيرة التي باتت معانيها

تخلق أو تُسجل بمعجمها الخاص بحبها لحبيبها فقالت:-

يا معجمي

يا نكهة قهوتي

وترانيم نبضي المسافرة بيني وبينك

أيكفيك أن أحبّك لعشرين ألفية

فوق العمر ! ؟

بقلبي ومهجتي وحواف سريري

وبعصافير حرفي حول معصمي

تكون سنيني بأزاهيرها

لك وحدك محفل!؟

فكم أشتهي أن أقترض من عمري

لأهديك فوق عمرك عمراً

وأبعث من جديد

وألقي السلام وأعشقك أكثر ..

بهذه النهاية أدهشتني الكاتبة التي ولدت قبل أن تبدأ

، فالشاعرة سميرة بلحاج أكاد أجزم بأنها شاعرة

من نوع خاص جدا استطاعت بجدارة تصوير

كل ما تراءى لها مما تحمله من حب لحبيبها

وفى قصيدة ” هل أنت حقا تشبهني

صرخت الشاعرة بأعلى صوت حرفها

علها تجد الإجابة من النوارس التي تُسعفها

بسؤالها هل أنت حقا تشبهني

ثم تساءلت في نشوة النرجس ، في

اشتعال البحر ، حتى في حدود شكيمتي وتقاعسي ،

ثم عادت للسؤال مرة أخرى ،

أتسمع شهقة النور مثلى ؟

وأيضا تساءلت هل تسمع انكسارات العطر

رغم أن الأسئلة تبدو جافة إلا أنها

تحوى بين طياتها حبا خفيا رائعا ضاقت

المُحبة بحمله ولا طاقة لها به ، فمن

أجل ذلك كررت الكاتبة السؤال؟ والتكرار

دوما في الكتابة يدعو إلى الرتابة والملل

إلا أنها كانت بأسئلتها التي تحوى بين

طياتها خوفا من أن محبوبها لن يشبهها

ولن يطابق مواصفاتها فيفترقا ، لذا كان

تكرارا السؤال بحالتنا هذه مستحب

كونه دلالة على عشق المحبوبة وإخلاصها

لحبيبها التي طالما تمنت بأن يشبهها .

باختصار فإن الكاتبة مصورة رائعة

بأسئلتها هذه لمعنى الحب التي تحمله

بقلبها وأرادت أن تسأل بأسئلتها التي

وردت بقصيدتها “هل أنت حقا تشبهني

لتطمئن قلبها المولع أو العامر بكل هذا الحب

هبطت الشاعرة بأسئلتها على مواضع

حلت لها أن تعرف إجاباتها مباشرة

وباتت تتمنى أو تنتظر حتى من النوارس

أن تُجيبها عن هذه الأسئلة ليستريح فؤادها المكلوم

ظلت الشاعرة تفضفض عما يجيش

بصدرها من أسئلتها التي باتت تسكن كل

أركان قصيتها هل أنت حقا تشبهني ؟

وفى ديوان ” ترانيم عاشقة ” التي ذيلته الشاعرة

بحكاية جميلة ورقيقة وخفيفة رائعة عن صديقتها

سهى والتي أشارت إليها بمسمى جميل

” حواء الشرقية ” محاولة منها في

التقريب بين القارىء والحكاية كوننا

بمجتمع عربي ، بدأتها بأنها ستحكى

لنا قصة صديقتها العربية ” سهى ” فغردت قائلة

اليوم سأحكي عن صديقتي الهبلة سهى !!؟؟

ويا سادتي .. كلما ذكرت إسم سهى

تراود مخيّلتي ذكرى ولادتي

وأتوق لرحيق طغى

فسطّر القصائد ونثر القصص

ولحّن الأغاني وبعثر على

وجه السماء طقوس الهوى

آسفة !! قلت أنّني سأحكي

عن سهى صديقتي

الهبلة وتاهت منّي داخل روحي

وجسدي حيث سعادة الذكرى

ويبدو أنها عاشقة متيمة بسهى صديقتها

وتحبها بل تعشقها بكل ما أُوتيت من قوة ،

فهي كلما تذكرتها تتوق إلى رحيق

طغى وتُسطر قصائدها ذات النظم الموسيقى

الرائع وتتذكر لحن الأغاني الجميلة وحتى

في وجه السماء كانت طقوس الهوى والعشق

وفى النهاية وبعد الحكاية أنهت الشاعرة

قصيدتها بهذه التعبيرات التي أتركها للمتلقي

كي بطوف بخياله حول الحكاية وكيف أن

الشاعرة قصتها وكيف أنها تاهت داخل روحها

ولما أطلقت عليها الهبلة ؟ ، الحقيقة أنى

أرى أن أتركها لكل قارىء أن يتخيلها

حسب رؤيته باختلاف المعنى والمضمون

عن صديقتي الهبلة سهى!!؟؟؟

وسأبقى أصرخ بحروف قصائدي

أقتّص الفقد من

عين مستقبلي وحاضري

أتخلّل صوت كل قارئ

تنبت سطوري على جنباته

وأكلّل الرؤى على أغصانه

لربما أرتمي في الأخير

بين أحضان ضالتي!!

للإستغباء_عند_الأنثى_عصور_فكر_

لازالت_ركائزها_على_مدى_الحب_قائمة

ما أروعها من قصة ، وما أجملها من قصة ،

وما احتوته من معان ومفردات كان للشاعرة

الحق فيما وصلت إليه من صدق ورقى ،

والحقيقة أنني أحترمها لما بذلته من مجهود

لا يصل المعنى الذى في بطن الشاعرة ،

لكن الأفضل أن يفهمها ويتذوقها القارىء

بنفسه كي يتخيل الحكاية حسب قدرته وبيئته

التي يحياها لأن هناك بعض القصص

تتكرّر لكن باختلاف البيئات

في نهاية رؤيتي المتواضعة جدا أشد

على أنا مل سميرة بلحاج تلك العربية

الرقيقة الرائعة و أكاد أُجزم

بأن الشاعرة تمتلك الأدوات الخاصة

بالنص الشعرى الجيد والمفردة الفصحى التي

دوما ما تنثرها بين حنايا قصائدها إلا أنني أرى

أنها تميل في شعرها إلى الفصحى المنتقاة الخالصة ،

والآن أدعوكم لقراءة هذا الديوان الذى يحوي

بين طياته إبداع شاعرة أكاد أوقن أنها

ولدت كبيرة وستأخذ طريقها وسط المبدعين العرب

التي نعرفهم وسيلمع نجمها في سماء

الإبداع الشعرى قريبا

واخير أتمنى لك الشاعرة الرقيقة

سميرة بلحاج صاحبة ديوان

“ترانيم عاشقة ” سوى دوام النجاح والتقدم والرقي

الكاتب الصحفى :-  محمد عجم


***********************


***********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة