خـمـسٌ عجــــــــاف :
بَعضُ انتظارَاتِنا بالدمعِ تُختَصَـرُ
كأنها الـناي يُثــرِي عزفَها الوتَـــرُ
بعضُ المسافاتِ في أعماقِ دهشتِها
يسافرُ الفكرُ، يروي سيرَها القــَدَرُ
.
★
.
في كلِّ ترنيمةٍ للشــوقِ ترهقُها
عبارةٌ خلف غيبِ الصمت تُنتظَرُ
و كـل دمعــةِ مكلـومٍ تؤجِّجُهـا
تنهيدةٌ بدأت في صدرِ من عَبَرُوا
و كل طُرفَةِ معنىً للحنينِ أتت
قوافلُ الشعرِ والإلهامِ تستعـــرُ
تخاطِبُ العـَبرَةَ الحيرى وتعتِبُ إن
تجاهلت قصدَها النياتُ والحَذَرُ
تسايِرُ النظرةَ الحمقاءَ إن برَزَت
أنيابُ فتنتِها واصطادَها الخَطًَرُ
تُعَبِّرُ الحُلمَ تَهدِي القائمينَ على
تفسيرِهِ مَن لأعمَارٍ لهم هَدَرُوا
.
★
.
خمسٌ عجافٌ وهذا الشعبُ في شَطَطٍ
يُحيطُهُ الجـوعُ والإحــباطُ والكــَدَرُ
فبينَ أطلالِهِم أفراحُهُم دُفِنــَت
ومن أسى دهرِهِم أجداثَهم حَفَرُوا
.
★
.
في كل ضاحيةٍ من أمَّةٍ رَكَنَــت
إلى الخلافاتِ جاءَ الشعرُ ينتشرُ
ليوقظَ الحُبَّ يُعلِي رايةً نُكِسَــت
ففي الخلافاتِ روحُ السِّلمِ تنتحرُ
وفي المسافاتِ آمـــالٌ مؤجَّلَةٌ
ومَنهَجُ الحُبِّ مهماغاب ينتصِرُ
#سمر_الرميمة
9/ سبتمبر /2018
✨💫✨💫✨💫✨✨
💐أ. سمر الرميمة 💐
لقد قامت الشاعرة اليمنية/ أ. سمر الرميمة باختزال كلّ مايدور في بلدها اليمن في عنوان قصيدتها ( خمسٌ عِجافٌ)، وكررت ( كلّ) في نصّها أربع مرات؛ لتؤكد لنا أنَّ أربعًا من السنوات العِجاف قدْ مضَتْ في عُمْرِ بَلدِها، وتوميء لنا بكتابة التاريخ ( 9سبتمبر 2018) أنّ حروفها لاتزال حتى اللحظة تعاني مِن كل مالَهُ علاقة بفقدان الحياة....
وكأنّها تُفْصِح لنا بالقول : إذا كُنتم تريدُون الولوج في سنة جديدة ولو كانت لاشك ، فإنّها أيضا ستضاف لسابقيها في حصيلة عجفاء من خمسٍ عجافٍ..
ودليل أنّ معانيها تأخذ منحاها في مسار
(قوافلُ الشعرِ والإلهامِ تستعــرُ)...
فقد رسمت الشاعرة بفرشاة الأسى والحزن على أحداقنا بكل تفاصيل ماأحدثته الحرب في بلدها من مآسٍ مختلفةٍ ارتعدَتْ لها فرائص المعاني في كافة مواضع(كلّ)،وتنوّعتْ حِدّتْه في مواطن ( بعض) ، وتقصّتْ في الأنحاء، وأشارت بأنّ كلّ ماحولها تأثّرَ بمأساة بلدها سواء ماكان منها حِسِّيّا( الدمع،النظرة الحمقاء....)، أومعنويّا( النيات، غيب الصمت، ...)...
وحشدت الصور البلاغية عفوية دون تكلف تموج ابتداء باستخدام التشبيه، ولحظات من قلق توجست منه الاستعارات في مساقات متنوعة ( تخاطب العَبرَة الحيْرَى، النظرة الحمقاء، أنياب فتنتها،.....)،
في قاموس الشاعرة ثراءٌ لافتٌ اتكأتْ عليه لتعميق فكرتها منذ الوهلة الأولى، وانتضت حروفها بشتى الداكنة، ورُغمَ أنها تعزي ماهو حاصل في الأمة جمعاء إلى الخلافات ، فهي كذلك في اليمن التي نقضت عُرَى اللُحمَة الداخلية فيها ، لكنها حملت الأمل بين، حنايا حروفها حتى اكتسب صِبغة القداسةِ في أسمى الطموحات بحضور شحنة
" الآمال المؤجلة" كقائمة حلول سحرية لكل مانحن فيه يحميها "منهج الحبّ" الذي ينبغي أنْ نكون على يقين بأنّ اقترانه
بالنصرِ المؤزّرِ لاشكّ فيه مهما
تأخرت أسباب أو مقومات النصر..
على أعتاب الأخطار تُطوى النظرات،
وعلى أنخابِ المآسي تُعزَفُ
العَبَرَات..
ومن تقاسيم الأحزان تستعرُ
العِبَر..
نحن أمامَ نصٍّ فلسفي ، يغوص في أعماق أعماق الواقع بحِرَفيّة الشاعر، وبعاطفة الكم الجمعي، وبوجدان يمتطي صهوة الآلام؛ ليحُطّ بين أحضان ( أنْ كفى حربًا)؛ لتسمع حروفك أولئك الصمّ البُكْم ممّن تسوقهم الأهواء:
( كفى حربًا، موتوا حُبًّا)
موتوا حبًّا لهذا الوطن واطووا مسافات كلٍّ مِنْ:
الدمع،
الأكدار،
الإحباط،
الجوع،
الفُرقة،
الأسى،
الخلافات،
السنوات العجاف،
الهدر،
الحمق،
الفتنة،
الخطر،
العَبَرَة،.....
وهنا شفرة الواقع الذي يقتنصنا بكل مايزيد مسافات البُعْد بيننا، حيث تقول الشاعرة:
بعضُ المسافاتِ في أعماقِ دهشتِها
يسافرُ الفِكرُ يروي سيرَها القَدَرُ
مسافاتٌ، وأعماقٌ، ودهشةٌ، وسَفَرٌ، وفِكْرٌ ، وروايةٌ ، وسيْرٌ ، وقدَرٌ
تسعة ألفاظٍ في رَحِمِ الأحزانِ، نستدعي في تفسيرها أدَقّ مختبرات الشفافية وفقَ تسعة قوانين من علوم :
الفيزياء، و الفِراسَة، والنّفْس، والجغرافيا، والفلسفة، والحديث، والتاريخ، والعقيدة...
ليأتينا تقرير المعمل الجنائي على جناح السرعة يفسِّرْ لـ ( مَنْ لأعمارٍ لهُمْ هدَرُوا) أسباب هذا الهباء الذي يلقي الضوءَ على أعداءِ الحُبِّ؛ لتتّضِحَ مقاصِدَ نواياهم المخفيّة في خانَة التّجَاهُل لأيِّ جُرْعةٍ من جُرَعِ السلامِ المأمولِ لكُلّ الأنْفُسِ إلى الحياةِ ، لاَ الموتِ..
وتأتي التفاصيل في
(خمسٌ عِجَافٌ) ظلّتْ مُتَقَوقِعَةً في حيّزِ "النّكِرَة"،و لايُمْكنُ "للمَعْرِفَة" أنْ تُوجِدَ لها موْطِئَ قدَمٍ مِن الاعترافِ القَسْريِّ بأحَقِّيَّةِ وُجُودِ ابنتِها سِفاحًا "الفوضى الحَلّاقَة" بينَنَا وإخضاعِنا لحُكْمِها!!
وهنا تعلو المطالبُ الرافضةُ لهيمَنَةِ هذه الجدَلِيّة المقيتة (الفوضى الحلّاقَة) خاصّةً عندمَا ظهَرَ غرابُ البَيْنِ" الحَاء" واضِعًا على رأسِهِ " عِمَامَةَ النُّقْطة" ، وفي منظر جماليٍّ مهِيبً ارتفعتْ لافتاتٌ مكتوبٌ عليها :
الحُبُّ
السِّلْمُ
الحبُّ
السلامُ
الحبُّ
الوئامُ
الحبُّ
ًالحياةُ
تساؤلٌ من خَلْفِ الخلافَاتِ يهمسُ:
لماذا يرفعون لافِتَاتِ الحُبِّ أكثَرَ من غيرِها؟؟
فأجابتهم حروفٌ تلتحفُ بالثِّقَة، ولسان حالها يقول :
سنبدأ بالبناء والإعمار حتى لانبقى بين الأطلالِ
وسندفن الأحزان، وسنوهب الأفراح مساحاتٍ في حياتنا...
و سنمحو معالم الأسى ، وسنغرس شتلات الآمال الواعدة بالخير...
وسنردِمُ كلّ الأجداثِ المحفُورة بالتمَزّق والفُرقَة، ونخفي ملامحها باستحداث حدائق للشعب لينعمَ بنسائم خير الوحدة والاتحاد، والأُلفَة، والتقارُب، والسلام، والخير، والعلم، والعمل، والتطور ًوالازدهار
ونترك الفرصة للجميع لطرح الرؤى المختلفة المنبثقة من
خلال مبدأ
(وفي المسافاتِ آمـــالٌ مؤجَّلَةٌ)
لكنّ دستورنا الذي يحفظ حقوق الجميع وكرامتهم، وخصوصياتهم، وخياراتهم، ومساواتهم، وحرياتهم، والعدل
هو الذي سيتم التصويت عليه:
(ومَنهَجُ الحُبِّ)
لكن ستكون هناك معارضة لأن يحظى بالأغلبية ...
لكن مايطمئِن السواد الأعظم
هو يقينهم الذي لايساوره الشك
بأنّ
(ومَنهَجُ الحُبِّ مهماغاب ينتصِرُ).
واستطاعتِ الأحلامُ التي في رَحِمِ الأُمْنِيَاتِ أنَّ تُثبِتَ أنَّ معنَى ( فِي) شيْئًا منَ الماضي البغيض،
وأتاحتِ الفرصةَ لـ(مَا) التي أُسْنِدَ لها التقَدّمُ والظهورُ أمامَ الملأ في جوٍّ فرائحِيٍّ كبيرٍ ،ردَّدَ الجَمْعُ فيه بأعلى صوتٍ:
ما كلُّ ترنيمةٍ للشــوقِ تُرهقُها
عبارةٌ خلفَ غيبِ الصمتِ تُنتظَرُ
نحن أمام شاعرة تحمل همّ أمّةٍ وهو أمرٌ ليس بالهيِّن، فهي تزرع في حبّات النسيم عبيراً من الأمل المعشوشب في خلائب الإيمان ؛لتتضَوّع منه الأرجاء بِشْرًا وسعادة، ونورًا ،وهدايةً، وحُبًّا، وسلامًا.
⚡عبدالكريم الخياط⚡
***********************
***********************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق