جزء من روايتي
((هذا لك))
أحمد فتحي
يشاهد التلفاز حتي يجئ موعد الاذان ليأخذ صالح معه إلي المسجد فمرة يوافق صالح ومرة يقول سأصلي في البيت إتبع رفض صالح هذه المرة إبتسامة جميلة من والده ويقول.
الله ينادي علينا يا بني حي علي الصلاة حي علي الفلاح ويطلبنا إلي بيته ونرفض هيا يابني لنحصل علي الجائزة الاكبر.
وبقلب طيب تقبل صالح النصيحة
يمر يوما بعد يوم يوم جديد متكرر مثل إمبارحا وقبل إمبارحا يذهب وينتظر حبيبته ليراها ويعود إلي بيته ينتظر وقت النوم ليمر يومه علي آمل أن غدا سيحدث أمرا وتتكلم معه تلك الجميلة
كتم صالح حبه في قلبه عامين كاملين وقد اصبح في الثامنة عشر وأصبح لديه الجرأة الكافية لمصاراحتها وإتخذ قراره في ذلك اليوم أن يصارحها
وفي وقت الظهيرة في نفس اليوم رأها جالسة في وقت الفسحة هرول إليها مسرعا وكلما إقترب أكثر تباطئط خطواته وقلبه في حيرة من نبضاته فينبض نبضة خوف بأن بنتهي الحلم الجميل
ونبضة فرح لأنه يقترب منها أكثر من أي مرة
وبالفعل إعترف صالح بحبه لها وأخبرها أنه كتمه عامين كاملين وهو يظن أنها قد أحست به وبحبه حسب نظراته المتكررة لها لاكن تفاجئ بأنها لم تكن تشعر به وأخبرته أنها لو كانت أحست بأن هناك من يحبها بتلك الطريقة لصارحته هيا بحبها وإعجابها.
ضحكت بصوت مرتفع وقالت.
أين كنت منذ زمن لقد أحببت في هذان العامان أكثر من ثلاثة أشخاص وأنت تراقبني في صمت.
صدم قلب صالح من جرأتها وتفاخرها بأنها كان لديها أكثر من حبيب في الماضي وأحس أن حلمه الذي طال لعامين كان خدعة كبيرة من قلبه
وتغير هذا الاحساس إلي يقين حين تقابلا أول مرة فوجدها فتاة غير من رسمها في مخيلته ليست هذه التي سهرت ليال أرسم مستقبل جميل معها
طوال المقابلة وهيا تتحدث عن لون شعرها وتفاخرها بجمالها وحلمها بأن تصبح فاحشة الثراء وتفاخرها بحيها القديم هيا تتحدث وهيا يتمنى أن تنتهي المقابلة لكى يبتعد عنها نهائيا
مرت ساعة المقابلة كيوم كامل علي عكس الذي كان متوقع من صالح
عاد صالح إلي بيته حزين علي حلم عامين المحطم فتح باب شقته بوجه عابس حزين مصدوم لما حدث وفي فتحته لباب الشقة وجده أمامه مبتسم يضحك بوجه مشرق كعادته يقول.
مابك يابني أراك حزينا إحكي لى لعلي أستطيع أن أخفف عنك.
رد صالح حزينا سأخبرك يا أبي فليس لي بشرا غيرك يهون علي
حكي صالح لأبيه القصة منذ بدايتها فتبسم أباه قائلا
لك رب كريم يابني فأغلب الاشياء تكون جميلة وهيا بعيده عنا لأننا لا ننظر إلا إلي الجانب الجميل فيها ولاكن حين تقترب منها تجد سلبيات لم تكن تتوقعها.
قال صالح وماذا أفعل يا أبي.
رد أباه قائلا أطع الله وأرضه يرضيك وحاول أن تتعلم من التجارب الفاشلة ولا تعيش علي جرحاها وإترك الماضي وإن لم يسعدك أحد فحاول أن تسعد نفسك.
ذهب صالح إلي غرفته ليختلي بنفسه يحدثها ويحاورها ينطق كلمات متوازنة قوافها ويوجه لدنياه بعض الاسئلة ويرد علي نفسه بدواء أوهم به نفسه أنه سيشفيه
كل يوم يمر مثل ما قبله ويبقي أباه وحكم كلماته هم من يسير صالح عليها كل يوم شئ جديد حزن يهونه عليه أبيه وفرح يشاركه فيه ويزيده فرحا.
ثلاث أعوام أخري وقد بلغ الواحد والعشرون.
وفجأ مرض أبيه مرضا شديدا وإنتقل إلي المشفي ولاكن لا شافي اليوم إلا الله فقد وقعت الاسباب وجف قلمه وسقطت ورقته وقفل كتابه وذهب بجوار أحبابه أمه وأبيه اللذان طلاما حكي لصالح عن مدي حبه لهما وأنه كثيرا كان يبكي لوحشته لهما ولاكن اليوم من سوف يؤانس وحشة المسكين وقد فقد أبيه بعد أمه وكيف سيكمل طريقا طويلا أليما وهو لا يزال في بدايته
وبعد سماع صالح من الطبيب أن أباه قد رحل جاء في باله كلمة أبيه حين قال الطيبون يرحلون سريعا يابني ويأتي ويبقي شرور الناس فإحذر فلن يتغير الحال من السئ إلا للأسوء تقرب إلا الله فذاك السبيل الوحيد للنجاة من تلك الحياة الدنيا التي لم يذكرها الله إلا بالمشقة والتعب.
حزن صالح وما أصعب حزن ليس له دواء لا أب يؤانسه ولا أم تحتويه ولا أخ يهون عليه ولا حب ينسيه
يوما يأخذ يوم ولا ذال صالح يبكي وحيدا في غرفته طوال الوقت يتحدث إلي صورة أباه ويشكو لها من هم الدنيا وكيف سيخرج لها وحيدا دون نبض قلبه
أسبوعاً كاملا لا يقم من مكانه إلا للأكل او الذهاب لقضاء حاجته
أسبوعاً حتي أضربت الأثاثات عن العمل وإحترقت مصابيع الاضاءة من التعب وثارت الملابس المتعفنه فلم تغسل منذ اسبوع لا شئ سوي جلوسه أمام صورة ابيه وحيدا يبكي كرضيع أهملته أمه
مر اسبوعان كاملان كاد صالح أن يختنق من جلوسه وحده واخيرا قرر الخروج إلي الهواء
وفي أول خطوة خرج المنزل رأي بدرا ساطعا في وضح النهار وجد عينان أجمعت جمال النجوم والقمر وأحس بنبضات حائرة وسأل نفسه أهذه نبضة حب أم نبضة حزن أم هيا نبضة الخوف فتغاضا صالح عن الموقف وبتابع طريقه الي المجهول يسير بلا عنوان يبحث عن مرساه
مكان هادئ وساكن تملأه الرياح أخدته قدمه إلي النهر فإقترب إلي أقرب مكان للماء وجلس يتخيل بأن ماءه هو دموعه التي لا تنقطع ختي أغرقته وأنه مركب تائه فيه قلبه شراعا كبيرا تهزه العواصف وتعانده
***********************
***********************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق