الأحد، 10 نوفمبر 2019

أسباب تدهور الأمن المجتمعي وعلاجه



 بقلم السفيرة الدكتورة - ماجدة الدسوقي

 كلمة المجتمع تعني مجموعة من الناس الذين يعيشون في نطاق جغرافي معين
يُطلق عليه قُطر أو بلد يسوده نظاماً سياسياً وثقافياً محدداً. أما كلمة مجتمعي فهي تعني كل ما
يمت بصلة لهؤلاء الناس من عادات وتقاليد وقيم إجتماعية وأخلاقية ولعل أهم هذه القيم
الأمن ، الأمانة ، العدل ، المساواة ، الحقوق المدنية ، الإنتماء ، السلم ، التراحم ، والتكافل
والتعاضد والاستقرار العائلي والمجتمعي . ومن أهم هذه القيم ايضا الديمقراطية التي تكفل حق
الجميع في الواجبات والحقوق وتحقيق طموحات الأفراد في حياة ميسورة أو رغده وتعليم عالٍ
ووظيفة دائمة ودخل يفي بالحاجة للفرد وللأسرة وتأميناً صحياً ولو محدوداً.
        حالياً في هذا العصر إنقلبت هذه القيم المجتمعية إلى النقيض تقريباً لأن الأمن
المجتمعي تشوبه سلوكيات بعض الأفراد مما يعكر صفوه وهذا ليس قاصراً على قُطر أو بلد
واحد ولكن بنِسَب متفاوتة . فما هي العوامل التي تقلق وتشوه الأمن المجتمعي ؟ توجد اسباب
عديدة ومنها :
* تدني مستوى الإنسانية : عندما يتخلى المرء عن إنسانيته والتي هي أساس الأمن والأمان
يرتكب أفعالاً مشينة جداً وفي قمتها القتل الجماعي أو الفردي . كل الديانات نصت على
أهمية العلاقات الإنسانية بين البشر في جميع الأقطار بغض النظر عن الديانة ، والعرقية
والإثنية .
* الأخلاقيات الهابطة نتيجة سوء التربية وعدم الإشراف على السلوكيات من الأسرة ، والمدرسة
والبيئة والتي من المفروض أن تؤسس وتبني قواعد التربية الأخلاقية الحميدة والتعاملات الإنسانية.
كثيراً ما نرى ونسمع عن جرائم أخلاقية يشيب لهولها الولدان ، وعندما يعرف المرء الأسباب
لهذه الجرائم يجدها في منتهى التفاهة ... دور المربي في المدرسة دور هام وفاعل إذ يجب
عليه تقويم السلوكيات المعوجة التي يلاحظها . أما دور الأب والأم فهو الدور الأكبر والأكثر
فاعلية وخاصة في سنوات العمر الأولى قبل الذهاب إلى المدرسة . يقتصر دور الجمعيات على
محاضرات في الإلتزام بالأخلاق الحسنة السليمة .
* أمراض القرن الحادي والعشرين مثل الضغط النفسي والعصبي لدى كثر من الناس والتي سببها الضغوط المالية والاقتصادية والأسرية بسبب غلاء الأسعار أو البطالة أو إنهيار العملة المحلية . يرتكب مثل هؤلاء الناس أفعالا وحشية ولا أخلاقية لا يستطيع العقل تصورها .
* الغزو الثقافي الخارجي : لقد تمكنت بعض الدول الغربية التي تملك تكنولوجيا متقدمة  وبرمجيات إستعمارية من التقليل من أهمية الدين في بلادنا التي يجب أن تسودها الأخلاق الاسلامية الانسانية وتكون مثالا يحتذى به . تُبث هذه البرامج والندوات بهدف تشجيع الشباب على التخلي عن المثاليات السلوكية وتعزز النشوز والإجرام والقرصنة وهضم حقوق الأقليات العرقية . أما الهدف الثاني لها فهو نشر الفوضى في مجتمع  ما من خلال نشر الأخبار الكاذبة. .
* الفقر  : صدق عمر بن الخطاب عندما قال : " لو كان الفقر رجلا لقتلته ".  عمليات  الإحتيال والنصب والسرقات والسطو على بيوت الناس سببها الفقر ! عندما تضيع العدالة الإجتماعية وتنعدم  مساعدة الدولة للفقراء والمحتاجين يزداد الفقراء فقرا ويتكون لدى البعض منهم فكرة الحصول على المال بأية وسيلة كانت حتى ولو كانت القتل .
* إنتشار المخدرات ووسائل الكيف بين الشباب وهذه تتطلب المال الوفير .
            ولكن يبقى السؤال الملِح وهو هل توجد الحلول التي على الأقل تحد من تغول الإنتكاسات الأخلاقية وتُقوي الأمن المجتمعي ؟  الإجابة  : نعم ولكن الى حد معقول . من هذه الحلول :
* تفعيل القانون الرادع لأي فرد في المجتمع مهما كانت مكانته عندما يخون الأمانة او يقترف جرما مشهودا وتثبت عليه التهمة . الملاحظ أن الحرامي الكبير يفلت من العقاب ويُلقى القبض على الحرامي الصغير .
 * مساعدة العائلات الفقيرة ماديا وتلك التي ليس لها دخل إطلاقا ، وهذا يتطلب ميزانية خاصة وضمير سليم  ، ويمكن ان تكون المساعدات عينية.
* مراقبة مجريات الأمور في الشوارع الرئيسة  وفي الميادين العامة من قِبَل أفراد من الشرطة ليكونوا رادعا لمن تسول له نفسه بالقيام بعمل لا أخلاقي .
* تحفيز الوعي المجتمعي ببرامج هادفة وبلغة سهلة وحوارات أخلاقيةً وليست سياسية تتناول السلوكيات الأخلاقيةً الإيجابية .
* سيطرة  وتحكم الدولة  في وسائل التواصل الإجتماعي التي تبث السم الزعاف في أطباق العسل وحتى في المسلسلات التلفزيونية التي تُشجع على سلوكيات معوجة .
* تعميق أواصر المودة بين أفراد المجتمع على إختلاف أفكارهم وديانتهم وبث روح التسامح والعفو عند المقدرة وتشجيع أفراد المجتمع على تبادل التهاني في الأعياد والمناسبات التي تخص شريحة مجتمعية معينة .
  وختاما أقول أن الظلم يعم أرجاء هذا الكون ناهيك عن الإستبداد والانحرافات والفساد الكبير ولكن بنِسَب متفاوتة . ما أجمل أن ينام المرء قرير العين مرتاحا آمنا سالما وما أجمل ان يسود المجتمع الأمن والأمان والسلام والتعايش السلمي .





***********************


***********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة