السبت، 18 يناير 2020

سلاماً عليك يا شهباء. بقلم الشاعر السوري الكبير محمود سنكري

سلاماً عليك يا شهباء
سلاماً عليك يا أم الكون يا سيدة الأرض و مليكة السماء
يا أمي أتيتك و الوجع يأكل صدري و الروح تناثرت أشلاء
جئتُ أغنيكِ وبعضٌ الغناءِ دفقُ دمعٍ وحزنٍ و حريق و بكاء
أيها السادة
هل تعرفون وجعاً حفرته الأيام و البؤس و الموت
و الدماء
هل تعرفون حزناً فاض آهاً و دماً على كل تاريخ
البلاء
أيا سادتي إن بعض الرعب ينتزع النجوم و السحب
من السماء
تُدمي الحدائق و الأصنام صورة طفل سقط بقذيفة غدر عمياء
هنا حلب معقل الموت المقيم و المقر الكوني لتوزيع
اللوعة و الفناء
هنا تُلتهم الأكباد و الصبر و الأحلام هنا يُسحق ببطء
جميع الأحياء
هنا اللاحياة واللاموت قدرٌ مستحكم فلا هواء يسري
ولا أمل في ماء
كل الفصول بلون واحد و إسم واحد و ما أقساه
فصل البكاء
كل الخدود يحفرها الدمع و المُهج احترقت هماً فقد
استكلب الأعداء
هنا عاصمة الألم السوري هنا تاريخ وجع الأرض
وبؤس السماء
هنا الحزن يستوطن شواطئ العيون و مداخل القلوب سنونوة سوداء
بإشراف دولي توزع القذائف الهاطلة بالتساوي على
الأطفال و النساء
ها قد عاد أحمد إلى منزله ومعه يديه و رجليه فلتعلن الزغاريد فرحاً بلا انتهاء
لا حلم يفوق حلم أن تخطئه قذيفة فبقاء أولاده
يرجوه البقاء
هنا الصمت قصائدٌ و أبلغ شيئ ألا تقول أي شيئ
من الأشياء
هنا القتل طقس شبه يومي هنا مدفن الضمير
و قبله الحياء
هنا استهداف المدارس وقد خرج الأطفال ألا شُلّت
يد الجبناء
أكل الجحيم كل البشر و الباقى تقاسمته الهموم
والضنك و الغُماء
دواعش الداخل تمصُ الدم مضاربةً وقد استذأب
غول الغلاء
دواعش الخارج بإشراف دولي تسفك الأخضر و الورد
و الدماء
تعاضد الكفر فرعن الرعب والإنسان مُكرهاً أدمن الكرب
و البلاء
تسعٌ عجافٌ و مازال الموت يحصد النور جراحا بلا ضفاف
كما القضاء
العيش تارةً موت و تارةً جحيم .. خرابٌ و كثيراً كثيراً
دماء
هنا يسقط الأطفال كأوراق الخريف قبل موعدها
ذابلةً صفراء
فكل طفل عندنا من يوم مولده تجري على ثيابه
دماء كربلاء
سافرتُ في قطار مدامعي وقد هدّمني الضنى
هزمني الإعياء
همتُ على وجهي مهزوماً مكسوراً و استحالت أجزائي
رماداً حتى الهباء
هنا حلب أقدم أيقونةٍ إلهية و أعظم مدينة
بين نجوم السماء
هنا التاريخ يسرح ألقاً يؤازره فستق و عز و غارٌ
و حِناء
هنا الثلج دافئ و الشمس إجلالاً و زهواً تعودت
الانحناء
سلاماً يا شهباء
كشر الإرهاب عن أنيابه وأشعل حرائق تشفق للهيبها
نارٌ رمضاء
تعاضد الدواعش فأين المفر من موتكم المحتوم
أيها الأبرياء
سلاماً وقد مات الحزن طفلاً مقطوع القدمين بلا مأتم
حتى بلا رثاء
سلاماً لكل جُرحٍ وقد أضحى حديقةً و متحفاً و منارةً
كدماء الشهداء
بقلمي #محمود_سنكري



***********************


***********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة