طارق سالم
في أيام الوباء.. سواء كنت مذعورًا .. أو قلقًا .. أو حذرًا .. أو مستهترًا.. أو حتى مطمئنًا.. لك نصيب في الدنيا أو ليس لك نصيب .. لابد أن يأتي يوم وتنتهي أزمة فيروس كورونا مهما طال الزمن والوقت.. لكن بعد أن تنتهي .. هل انتهى معها كل شيء ؟
هناك ثلاث آيات فيهم تسلسل لا يمكن أن نغفله يقول المولى عز وجل: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ»)
ويقول أيضًا سبحانه وتعالى: «فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ » «فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ»
المولى عز وجل يرسل البلاء لعل وعسى أن نستفيق ونرجع ونعود من غيبوبتنا وغينا.. لكن لما نزل البلاء للأسف: ( لم يتضرعوا ولكن قست قلوبهم ! ).. ندعو الله عز وجل لكن دون تضرع وبقلوب ليست مخلصة، وبدون رجوع حقيقي إلى الله عز وجل: ( و زين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ).. نظل نبرر كل شيء نفعله ونخدر في أنفسنا، حتى نقنع أنفسنا في النهاية أننا أبرياء.
ما أشد وقت البلاء على المسلمين وغيرهم في الوقت الحالي مع انتشار فيروس كورونا والذي حصد أرواح عشرات الألاف وأصاب مئات الآلاف في أكثر من 180 دولة على مستوى العالم حيث يبحث الناس عما ينجيهم بعد أن أخذوا بأسباب الحيطة والحذر وقاموا بشراء كل أدوات التعقيم واتخذت الدول قرارات قاسية لمحاصرة الفيروس اللعين أبرزها حظر التجوال في الشوارع .
وأمام أسباب الدنيا التي أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نأخذ بها، لا يتبقى لنا إلا بأسباب الاخرة حتى يستفيد الناس من هذه الأزمة في استعادة البوصلة الحقيقية في ترتيب بيتهم بشكل جديد لتحصيل الأجر في الدنيا والأخرة خاصة بعدما ثبت لهم أن الدين لا يتعارض مع العلم وأن العلم فرع الدين أمرنا ربنا أن نأخذ بأسبابه ثم في النهاية لا يتبقى سوى إيمانك بأن واهب العلم هو القادر على نجاح أسباب العلم التي أمرك بها .
وبعد أن توقفت أسبابنا الدنيوية في إيجاد الحل لأزمة انتشار الفيروس كورونا مازال أمامنا أسباب أخرى ترتبط بإيماننا وتبشرنا بأن لكل داء دواء كما أكد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هذا الدواء ربما يكن له ثمن يتطلب سداده لكي يعجل الله لنا به وهو ثمن انتشار الخير وتقديم العون للمحتاجين خاصة مع انتشار هذه الابتلاءات من فقر مرض .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْه
فالتعاون على البر والتقوى أصل من أصول الدين تجتمع فيه المكارم كلها وتلتقي عنده جميع أصول الأخلاق وتجتمع عليه جميع القلوب المؤمنة
يقول الله عز وجل: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ))والتعاون هو العون المتبادل بين الإنسان وأخيه الإنسان فيما يعود على كل منهما بجلب النفع ودفع الضررومصالح الناس تتمثل في أمرين أساسين هما: دفع المفاسد وجلب المنافع وهو ما يعبر عنه القرآن بالبر .
إن بالقرآن الكريم حكما وأسرارا ومصالح للعباد أرشد فيه المولى أن على العبد أن يعلم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والمحبوب يأتي بالمكروه وأنه لا يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة ولا ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب
فالإنسان لا يستطيع العيش بمعزل عن أبناء جنسه ولا يتمكن بمفرده من قضاء حوائجه مهما أوتي من قوة فقد خلق اجتماعياً يحب التجمع ويكره العزلة
• فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد وبذلك يرتاح من سوء الظن بربه في أنواع الاختبارات ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في أخرى ومع ذلك فلا خروج له عما قدر فلو رضي باختيار الله واستسلم لله وألقى بنفسه بين يدي القدر طريحًا كالميت أصابه القدر حينئذ وهو محمود مشكور .
• الإسلام حث على الوقاية وشرع من الأحكام ما يضمن وبذل الأسباب الشرعية وكل ما ينفع حتى تنالوا الصحة في إيمان والعافية في اطمئنان أن الإجراءات والاحترازات التي اتخذتها الخكومة المصرية مبنية على أسس شرعية قبل أن تكون علمية كما بذلت في الغالي والنفيس وواجب علينا أن نكون عونًا لها على حمايتنا باتباع الإرشادات والنصح والبعد عن ما يرجفه المرجفون بترك إرجافهم وعدم تناقل أخبارهم
• لا يوجد أفضل من هدي النبي صلي الله عليه وسلم في مواجهة مثل هذه الظروف الصعبة ولن نجد أفضل من إرشاده لأمته للنجاة من هذا البلاء الكبير ففيما روى أنه قام أبو بكرالصديق رضي الله عنه على المنبر ثم بكى فقال: قام رسول الله صلي الله عليه وسلم على المنبر ثم بكي فقال: «سلوا الله العفو والعافية فإن أحدًا لم يُعطَ بعد اليقين خيرًا من العافية .
• على من تعرض للوباء "كورونا بالصبر والاحتساب والثقة بالله تعالى، والأخذب الأسباب وعدم اليأس فالبشائر تولد من رحم المصائب داعيًا إلى تلمس حاجات كبار السن والضعفاء والمساكين وهو من البر والإحسان في هذا الظرف العصيب
يقينك بالله عز وجل إنما هومن يصنع قدرك أما الاستسلام لما يحدث وكأنك ورقة تطفو على الماء فلن يغير من الأمر شيء بلا شك
انظر كيف كان فضل الدعاء في أن يرد البلاء ومع ذلك كثير من الناس لا يهتمون بأمر الدعاء ولا يرفعون أكفهم يسألون الله حاجتهم رغم أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسألون الله في كل شيء حتى شراك النعل .
إن الإيمان بالقضاء والقدر والرضا بأفعاله سبحانه وتعالى هو المحك الحقيقي لصدق العبد وإخلاصه ومعرفته بربه وبما له من صفات الكمال والجلال كما هو النجاة والفلاح والسعادة التي افتقدها الكثير من البائسين واليائسين والحائرين
***********************
***********************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق