بقلم د/ شيرين العدوي
ربما لا أبتعد كثيراعن الجمال وأنا ألهج بالدعاء للبنان مكملة حديثي عن المرأة وقلبي يعتصر على بيروت ونسائها بعد الانفجار غير المبرر لدي - سوى إضعاف أطراف الوطن العرب وتركيعه اقتصاديا للسيطرة عليه -. ترتبط لبنان في الأذهان بالنساء الجميلات. لماذا النساء رغم أن رجالها يتسمون أيضا بالوسامة؟ لأن المرأة هي شغل الرجل الشاغل ولأن المجتمع ذكوري؛ فإن عبرت المرأة عن مشاعرها تجاه الرجل اتهمت بما لا تحمد عقباه؛ ذلك لأن الحياء من الصفات المحببة في المرأة ومن القواعد التي شرعتها الأديان والمجتمعات، عادة من يفسر الأديان ويشرع القوانين رجل ؛ ومن هنا تم إلصاق صفة الحياء بالمرأة دون الرجل مع أننا لو أنعمنا النظرلوجدنا أن الحياء فطرة في الرجل والمرأة على السواء. فهل هذا يعني أن الرجل يكره المرأة؟
سؤال حيرني وأنا أتتبع مسيرة المرأة عبر نشأة الحضارات والتاريخ في كتاب ول ديورانت "قصة الحضارة" وكذلك وأنا أتابع نظرية استوارت مل الذي يدين بها النظم المجتمعية المعوجة، وكذلك وأنا أكتب عن المرأة في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني لأطرح عليك عزيزي القارئ سؤالي في نهاية مقالي السابق بعدما طوفت بك عبر القرآن والتاريخ عن ظاهرة وأد المرأة . هل كففنا عن وأد المرأة في العصر الحديث؟ الإجابة: لا . ولكن هل الإجابة بلا تعني أن الرجل يكره المرأة ولا يريد وجودها معه في الحياة ؟ الإجابة بالنفي أيضا. وهذا ما أسفرت عنه دراسة الحياة الاجتماعية في كتاب الأغاني حيث وجدنا أن المرأة تميزت بمكانة اجتماعية رفيعة في العصر الجاهلي فدافعت عن قبيلتها عند غياب الرجال ، كما كانت تجير المستغيث منهم رجالا ونساء، وتُخيّر في زواجها، بل وتُطلق نفسها (فإن عاد الزوج فوجد باب الخيمة مفتوحا من الجانب الآخر علم أنه طُلِق فيعود من حيث أتى)! لقد أظهرت الدراسة ودللت علي أن انتشار ظاهرة الوأد كان تعبيرا عن شدة حب الرجل للمرأة وغيرته منها وعليها؛ لأنه يراها كائنا أسطوريا يجب المحافظة عليه، حتى ولو بالغ في أنانيته فوأدها، فلا يتمتع بها أحد غيره، ولا ينالها سواه.
إن ظاهرة وأد المرأة مستمرة في العصر الحديث بأشكال أخري منها: إخفاء منجزها وتهميشه، والتحرش بها وخصوصا في العمل والمسكوت عنه كثير. واستبعادها من أعمال
بعينها، وتهميش دورها القيادي ، وحصر إبداعها في التصنيف النسوي. والمشكلة تكمن عند الرجل و المرأة على حد سواء في مشاعر متجذرة عبر التاريخ تحكمها عواطف وانفعالات سمحت لكلا الطرفين أن يتساويا في التفريط والإفراط. فالمرأة تفرط في حقها عندما تقبل التحرش من أجل الرفعة المجتمعية. والرجل يتسم بالإفراط حين يتعامل مع المرأة بشهوة الاستحواذ على الجمال . هذه المنظومة المجتمعية المختلة تكبد البشرية خسائر اقتصادية هائلة لأنها تعرقل رافدا مهما ألا وهو "المرأة" من ممارسة حقها في رفعة الوطن بإظهار عبقريتها الجمالية وفتح آفاق جديدة للتطور يغفل عنها الرجل أحيانا إذا ماانفرد بالبناء وحده. ولدينا تجربتان مهمتان مر بهما المجتمع المصري أثناء أزمة كورونا الحادة تشارك فيها الرجل مع المرأة كل في مجاله الأولي " "الثقافة بين يديك" لمعالي وزيرة الثقافة التي روجت بها بشكل بديع للثقافة عبر السوشيال ميديا. والثانية للكاتب الكبير رئيس تحرير الأهرام "تبرع بدمك تنقذ حياة" لمجابهة فقر الدم في بنوك المستشفيات عبر الإعلام. وهنا ظهر الدور التكاملي لطرفي المجتمع عند الشدة. لا تئدوا الرجال بل ربوهم على احترام النساء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق