الثلاثاء، 4 أغسطس 2020

الدكرورى يكتب عن هند بنت عمرو بن حرام


إعداد / محمـــد الدكـــرورى

السيده هند بنت عمرو بن حرام الأنصارية  رضي الله عنها، وهى صحابية جليلة، وقد تزوجها عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام ، فولدت له، وقتل عنها يوم أحد، فهى هند بنت عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة، وهي أم خلاد، وهى عمة جابر بن عبد الله، وعمة أم معاذ بنت عبد الله، وأخت عبد الله بن عمرو، واخت لميس بنت عمرو، واخت الشموس بنت عمرو بن حرام بن ثعلبة واخت أم عمرو بنت عمرو بن حرام بن ثعلبة وأمها هى السيده هند بنت قيس بن القريم بن أمية بن سنان بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة .

والسيده هند بنت عمرو كان أخوها هو عبد الله بن عمرو بن حرام وهو صحابي من الأنصار من بني حرام بن كعب من بني سلمة من الخزرج، وقد شهد بيعة العقبة الثانية، وكان فيها أحد نُقباء الأنصار مع البراء بن معرور عن بني سلمة، ثم شهد مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، غزوة بدر، وقُتل يوم أحد، وكان أول من قُتل يومها، وقد قتله سفيان بن عبد شمس أبو أبي الأعور السُّلَمي، وكُفّن هو وعمرو بن الجموح في كفن واحد، وكان لعبد الله بن عمرو من الولد جابر وكانت أمه هى السيده أنيسة بنت عنمة بن عدي الخزرجية، وكان عبد الله أحمر أصلع ليس بالطويل.

وقد روى ابنه جابر أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال له: "ألا أخبرك أن الله كلم أباك كفاحًا، فقال: "يا عبدي، سلني أعطك " قال: " أسألك أن تردني إلى الدنيا، فأقتل فيك ثانيًا، فقال: " إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون " قال: يا رب، فأبلغ من ورائي " فنزلت آية:  ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) وكما مر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بأخت عبد الله، وهى السيده  فاطمة بنت عمرو وهي تبكيه، فقال: " تبكيه أو لا تُبَكِّيه " ما زالت الملائكة تُظلُّه بأجنحتها، حتى رفعتموه" وكانت السيده هند بنت عمرو، كان  زوجها هو عمرو بن الجموح وهو صحابي جليل، 

وهو أحد زعماء المدينة وسيد من سادات بني سَلمة، وشريفاً من أشرافهم، وواحد من أجواد المدينة، وقد كان آخر الأنصار اسلاماً، وكان مصاهرًا لعبدالله بن عمرو بن حرام، وفي يوم أحد أراد عمرو الخروج للغزو مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان برجل عمرو عَرَج، فمنعه بنوه، إلا أن عمرو بن الجموح أبى إلا أن يشهد المعركة مع أبنائه الأربعة، فقال للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: " أرأيت إن قتلت اليوم أطأ بعرجتي هذه الجنة؟ قال الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: " نعم " قال: فوالذي بعثك بالحق لأطأن بها الجنة اليوم إن شاء الله، ثم قاتل حتى قتل، وكان عمرو بن الجموح سيد بني سلمة. 

فهو ابن الجموح بن زيد بن حَرامِ بنِ كَعب بن غَنم بن كَعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد، وهو من سادات بني سَلمة وأشرافهم، وكانت أمه هى السيده رُهْمُ بنت القين بن كعب بن سواد، من بني سَلِمة، وكان له من الأخوة إدام بنت الجموح وهي شقيقته لأب وأم، وتزوجها مسعود بن كعب بن عامر بن عدي بن مجدعة بن حارثة، وقد أسلمت أدام، وبايعت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان عمرو بن الجموح سيد بني سلمة قبل الإسلام، ولما قدم مصعب بن عمير إلى يثرب مبعوثا من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ليُعلّم أهل يثرب الإسلام، بعث إليه عمرو بن الجموح، فقال: ما هذا الذي جئتمونا؟ 

فقال مصعب: إن شئت جئناك، فأسمعناك القرآن، فقال: نعم، فقرأ مصعب أول سورة يوسف، فقال عمرو: إن لنا مؤامرة في قومنا، وكان فتيان بني سلمة فيهم ابنه معاذ ومعاذ بن جبل قد أسلموا، فكانوا إذا ذهب الليل دخلوا إلى بيت الصنم، فيطرحونه في أنتن حفرة مُنكّسًا، فإذا أصبح عمرو غمّه ذلك، فيأخذه، فيغسله ويُطيّبه، ثم يعودون لمثل فعلهم، فخرج ودخل على صنمه مناف، فقال: يا مناف، تعلم ما يريد القوم غيرك، فهل عندك من نكير؟ ثم قلّده السيف وخرج، فقام أهله فأخذوا السيف، فلما رجع قال: أين السيف يا مناف؟ ويحك، إن العنز لتمنع إستها، والله ما أرى في أبي جعار غدا من خير.

ثم قال لأهله: إني ذاهب إلى مالي، فاستوصوا بمناف خيرًا، فذهب، فأخذوه فكسروه وربطوه مع كلب ميت وألقوه في بئر، فلما جاء قال: كيف أنتم؟ قالوا: بخير يا سيدنا، طهر الله بيوتنا من الرجس، فقال عمرو: والله إني أراكم قد أسأتم خلافتي في مناف، قالوا: هو ذاك، انظر إليه في ذلك البئر، فأشرف فرآه، فبعث إلى قومه فجاءوا، فقال: ألستم على ما أنا عليه؟ قالوا: بلى، أنت سيدنا، قال: فأشهدكم أني قد آمنت بما أنزل على محمد، وهكذا كان عمرو بن الجموح صحابي جليل تحدى عرجه للجهاد في سبيل الله تعالى، لكن أبناءه منعوه فاشتكاهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه لم يشهد بدرا، كان أعرج. 

ولما خرجوا يوم احد منعه بنوه، وقالوا : عذرك الله تعالى، فقال الله تعالى: ( ليس على الأعمى حرج و لا على الأعرج حرج و لا على المريض حرج ) فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم يشكوهم، فقال: ” لا عليكم أن لا تمنعوه، لعل الله يرزقه الشهادة “ وفي رواية : أن عمرو بن الجموح قال لبنيه : أنتم منعتموني الجنة يوم بدر، و الله لئن بقيت لأدخلن الجنة ، فلما كان يوم أحد، قال عمر : لم يكن لي هم غيره، فطلبته، فإذا هو في الرعيل الأول، وقالت امرأته  هند : كأني أنظر إليه قد أخذ درقته، أي وهو يتهيأ للخروج يوم أحد، وهو يقول : ” اللهم لا تردني ” فقتل هو و ابنه خلاد .

وبعد استشهاد زوجها عمرو بن الجموح وأخوها عبد الله وابنها خلاد، حملتهم رضي الله عنها على بعيرها وأتت المدينة لتدفنهم ولمحتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقالت لهند: ” ما عندك الخير، ما وراءك ؟ ” قالت هند : ” أما رسول الله صلى الله عليه و سلم فصالح، وكل مصيبة بعده جلل “ فقالت عائشة : من هؤلاء ؟ فقالت : ” أخي، وابني خلاد، وزوجي عمرو بن الجموح ” فقالت السيده عائشه : فأين تذهبين بهم ؟ فقالت هند : إلى المدينة أقبرهم فيها، وزجرت أم خلاد البعير ليتابع مسيره، فما استطاع، فلما وجهته جهة الميدان تحرك وأسرع حتى بلغ مكان المعركة. 

وهناك دفنهم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم معا، و قال لها : ” يا هند ، ترافقوا في الجنة : عمرو بن الجموح، وابنك خلاد، وأخوك عبد الله ” ففرحت و قالت : يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني معهم، فرضي الله عنها وأرضاها من صحابية جليلة تصبر وتحتسب ابنها و زوجها وأخاها عند الله وتسأل النبي صلى الله عليه و سلم، أن يدعو لها بأن يجعلها معهم في الجنة، وكانت السيده هند بنت عمرو بن  حرام لها مواقفها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أسلمت السيده هند رضي الله عنها، وبايعت رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. 

وكان ذلك مع أخواتها الشموس ولميس وأم عمرو بنات عمرو بن حرام وأمهن هند بنت قيس، وقد شهدت السيده هند خيبر مع رسول الله  الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومما روت من الأحاديث عن رسول الله  الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هو أنه قد روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا صبيحة يوم أحد من السحر، فإذا امرأة أقبلت بين عدلين، فقلنا : ما الخبر؟ قالت : خيراً، دفع الله عن رسوله وعن المؤمنين، واتخذ الله من المؤمنين شهداء، ورد الله الذين كفروا بغيظهم، لم ينالوا خيراً، ثم قالت لبعيرها : حل، فقلنا : ماهذا ؟ قالت : أخي وزوجي، ودفن أخوها وزوجها في قبر واحد.

وكانت السيده هند بنت عمرو هى عمة جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري وهو صحابي، من المكثرين من رواية الحديث النبوي، وكان جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام صحابيًا أنصاريًا من بني غنم بن كعب بن سلمة وهو أحد بطون قبيلة الخزرج، ولأبيه عبد الله بن عمرو بن حرام الذي قُتل في غزوة أحد أيضا صُحبة، وكانت أمه هى السيده نسيبة وقيل أنيسة بنت عقبة بن عدي الأنصارية، وقد  اختُلف في كنيته فقيل أبو عبد الله، وقيل أبو عبد الرحمن، وقيل أبو محمد، وقد أسلم جابر صغيرا حين شهد بيعة العقبة الثانية مع أبيه، ولما هاجر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب. 

كان جابر من أنصار النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذين التفّوا حوله، إلا أنه لم يشهد غزوة بدر ولا غزوة أحد، حيث منعه أبوه من المشاركة فيهما لأجل أن يرعى أخواته التسع، ولكن بعدما قُتل أبوه في أُحد، لم يتخلّف جابر عن غزوة من غزوات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كما شهد بيعة الرضوان، فكانت السيده هند بنت عمرو بن حرام، زوجة الصحابي الجليل عمرو بن الجموح، مثال للقلب المفعم بالإيمان ومثال للصبر والشجاعة والثقة بما عند الله، فما أعظمها من كلمة رددتها السيده هند، بقلب مؤمن بالله وبرسوله وبقضاءه خيره وشره، وهي في عز المحنة ” كل مصيبة بعده جلل ” صلى الله عليه وسلم.

***********************


***********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة