الاثنين، 28 سبتمبر 2020

إرث ناصر قادر على تغيير العالم من جديد



بقلم- خالد المعلم


في مثل هذا اليوم لخمسين عاما خلت غادرنا القائد المعلم جمال عبد الناصر تاركا الأمة على طريق الجهاد ضد العدو الصهيوني، إن هذه الذكرى الأليمة لا يمكن أن تمر دون التوقف عندها لأخذ العبر من تاريخه الحافل الذي غير مسار الأمة من مرحلة خنوع إلى مرحلة تحرر وعزة فغير بذلك مسار الوطن العربي والمنطقة. 

لقد رحل هذا المارد العربي مؤمنا بالعروبة التي ارتضاها خطا ونهجا رحل عزيزا حرا معاديا للكيان الصهيوني غير ساع للتطبيع أو جانح للصلح أو للاعتراف أو التفاوض. وليس غريبا أن تتزامن ذكرى رحيله مع ذكرى خروج المحتل الصهيوني من بيروت مهرولا تحت ضربات أبنائها المقاومين الشرفاء. 

في هذه الذكرى نستذكر حاجة الأمة لمشروع ناصر العربي النهضوي المستقل، المشروع الذي تستعيد فيه فلسطين البوصلة، وتكون ثقافته المقاومة، وخياره الوحدة العربية، وهدفه العدالة الاجتماعية، وتكون التنمية سبيله لتحقيق ما نريد. نستذكر رحيله اليوم والأمة أكثر ما تحتاج إلى مبادئه التي أرساها، حيث نعاني التشرذم بدل الوحدة والذل بدل العزة. 

إن خمسين عاما مضت على رحيل القائد المعلم لم تستطع أن تلغي حضوره الدائم في وجدان الثوار وطالبي العدالة الاجتماعية والحرية والاستقلال وإن خمسين عاما مضت لم تلغ حضوره الدائم في كافة أرجاء الوطن العربي بحيث ترفع صوره عند كل استحقاق أو كل تحرك جماهيري عكس الأنظمة، ما دفع الغرب الاستعماري والكيان الصهيوني إلى التحرك والعودة إلى الساحة العربية من أجل استباحة الأمن والسيادة العربيين والعمل على تقسيم المقسم وتفتيت المفتت وضرب ركائز الأمن القومي العربي في كل من مصر والعراق وسوريا، التي يصادف اليوم أيضا ذكرا انفصالها عن الجمهورية العربية المتحدة، فشهدت الحياة العربية تراجعا كبيرا وأصبح وضع الأمة ككرة تتقاذفها أقدام اللاعبين الدوليين. 

إن هذه الذكرى الأليمة يجب أن تكون فرصة لنا لنجدد العهد والوعد من أجل السعي لانبثاق فجر جديد يمنع استباحة المقدسات، وإننا ندعو قوى التحرر العربية لإعادة استنهاض المشروع القومي العربي الذي أسس له ناصر لأنه الممر الوحيد لاستعادة الكرامة العربية ولأن يكون للأمة مكان تحت شمس المستقبل كأمة موجودة، ولقد آن لنا أن نعيد التمسك بمطلب الاستقلال الوطني والتحرر من الاستعمار وامتلاك الثروات الوطنية، الذي رفعه ناصر. وأن نتذكر صرخة القائد المعلم : إرفع رأسك يا أخي، فقد ولى عهد الاستعباد والاستعمار، والتي أطلقها صرخة مدوية وكان من نتيجتها قيام الثورات التحررية في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، فكانت دعوته من أجل التحرر والحرية، المحرك للشارع العربي كله من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، وتلا ذلك أيضا دعوة الشعب للوحدة العربية كتعبير عن وحدة الانتماء الثقافي ووحدة الهموم ووحدة الأحلام والآمال. 

 إن البناء الداخلي السليم وإقامة حياة ديمقراطية سليمة وجيش وطني قوي في كل قطر من أقطار الأمة، هم الأساس للحفاظ على الوحدة الوطنية الداخلية التي هي المدخل الطبيعي لأي عمل تكاملي عربي، وهم أيضا الأرض الصلبة للتخلص من أي احتلال أو هيمنة خارجية. لكن هذه المبادىء الهامة التي أرساها ناصر يوما يبدو أنها تغيرت الآن، وهاهي الأمة العربية تعاني من انعدام التضامن العربي ومن الانقسامات والصراعات واستبدال العدو بالصديق، كما وتعاني الأمة من هشاشة البناء الداخلي في معظم الأقطار العربية مما سهل ويسهل الهيمنة الخارجية على بعضها، بل معظمها، ولكن على الرغم من هذه المتغيرات  يستمر الحنين العربي إلى حقبة الكرامة والعزة والتوحد، ويتواصل الأمل بعودة مصر إلى موقعها العربي الريادي الذي كرسته ثورة يوليو وقيادة ناصر ولم تتم بعده لمحافظة عليه. 

إن المنطق التاريخي يقول بأنه ليس هناك من أزمات مستمرة في حياة الشعوب ولا بد للفجر من أن يبزغ بعد الليل مهما طال ولذلك فعلينا أن نعمل من أجل أن نعيد للأمة فجرها مستغلين إرث ناصر الذي غير العالم يوما وهو قادر على تغييره من جديد.


***********************


***********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة