الاثنين، 26 أكتوبر 2020

إصلاح الأسرة وحاكمية الإنسان



                                                                                           

بقلم  محمد الكعبي



إنقاذ الإنسان من بؤسه وضياعه وجهله مهمة سامية تستحق العناء والجهد لأنها مهمة الأنبياء (عليهم السلام)، والاسرة تعتبر النواة الاولى للمجتمع وفي صلاحها صلاح المجتمع، ومهمة الانسان السعي إلى كماله ليتمكن من بسط نفوذه على الأرض ليستعمرها ويحقق حاكميته فيها، لأنه الخليفة الذي سجدت له الملائكة بعد أن منحه الله تعالى العقل وسخر له الموجودات ليستعمرها أما في الخير وأما في الشر، ليرتقي في سلم الكمال أو يهبط في اسفل الدرجات، ليكتب قصته بيده بلا جبر. 

إصلاح  الأسرة ليست مسؤوليّة فرد أو جهة، بل  مسؤوليّة  تضامنية مشتركة بين الجميع، وعلى كلِ المستويات، وخصوصاً النخب المتصدية لقيادة الجماهير من علماء دينٍ  ورجال سياسةٍ وتجارٍ واساتذة الجامعات والمدارس وأصحاب النفوذ والمكانة الاجتماعيّة ومؤسسات وهيئات ومراكز اجتماعيّة، الجميع يشترك في المساهمة بقدر ما يستطيع من موقف وكلمة وقرار ونصح  وبذل، وينبغي تحمل المسؤولية لكي نستطيع ان ننهض بمجتمع سليم وصحيح.

 لابد من  ممارسة الدور الصحيح للمساهمة  في إرساء مشروع الإصلاح الإجتماعي والأسري في جميع الاتجاهات  بلا استثناء وهي مهمة غاية في الاهمية وتحتاج  تضافر الجهود والاشتراك جميعا لتحقيق هدف الإنقاذ ومن المعنيين بهذه المهمة : 

1ـ   المؤسسة الدينية:  لابد أن  تقوم من خلال  الوكلاء والمعتمدين وأئمة الجمعة والجماعة والخطباء بتجفيف منابع الفساد، من  بث تعاليم الإسلام الصحيح وملئ الفراغ الموجود في المجتمع وخصوصاً الفراغ  الثقافي والديني الذي يسيطر على الأسرة،  الذي استطاع الغرب من اختراقها، بل اخترق أغلب  البيوت الإسلاميّة وذلك من  بث  البرامج والمسلسلات المبتذلة والمنحرف، والتي أصبح لها حضور داخل الأسرة وبديلاً عن البرامج والمسلسلات الهادفة عند الكثير.

على المؤسسة الدينيّة أن تكون راعيةً للمجتمع من  خلال إنشاء مراكز ومعاهد وهيئات وإعلام هادف يعتني ببناء الإنسان والأسرة، ويساعد على حل المشاكل وملئ الفراغات و استيعاب جميع طبقات المجتمع ومستوياته.

2 ــ  رجال السياسة المخلصون والأكاديميون، وأصحاب الأموال والنفوذ الاجتماعي الصالحون، لا يقل دورهم  شأناً عن رجل الدين؛ لأن مهمتهم كبيرة  جداً لما يملكون من مؤهلات تُهيئهم لأن يقوموا بواجبهم في تطبيق القوانين والتشريعات المنسجمة والنابعة من روح الإسلام من خلال ما يملكون من مكانة وأموال وسلطة تتيح لهم عمل الكثير في خدمة الناس، حيث مهمّة  الحفاظ على الأسرة والمجتمع مهمة كبيرة وعامة يشترك فيها الجميع كلٌ بحسبه ولا يمكن أن تتحمل جهة دون أخرى المهمة، بل لابد ان تتظافر الجهود على كل الجهات والمستويات للنهوض بواقع المجتمع.

من المهم جداً دعم المشاريع الخيريّة الصالحة والنافعة والتي تصب في خدمة الناس؛ لتحجيم المفاسد والمظالم خدمةً للصالح العام. 

 واجب الجهات التشريعية إصدار القوانين الصالحة والمناسبة والناجعة التي تصب في مصلحة الناس لتعود على الجميع بالمنافع والمصالح وتساهم في تقدم وارتقاء المجتمع؛ مما يؤثر ايجاباً على الإنسان، وجعله يتقدم في جميع المستويات. 

3ـ التجار وأصحاب الاموال : من خلال البناء والمشاركة في المشاريع الخيرية والنافعة للفرد والجماعة والمساهمة في مشاريع الزواج وحل المشاكل الزوجية التي فيها جنبة مالية وخصوصاً في مجال بناء المجمعات السكنية لأن عدم وجود سكن للأزواج من المشاكل الكبيرة.

4ـ الهيئات التعليمية: من خلال ترسيخ المفاهيم الحقة والسليمة  وتعليم الطلبة وتهيئتهم لكل  ما هو صحيح  والمشاركة في اصدار القرارات والتوجيهات والنصائح والارشادات ووضع مناهج تعليمية وتثقيفية مناسبة وصالحة ونابعة من الدين الحنيف غايتها الحفاظ على الاسرة وتساهم في تعليم ابنائنا القيم الاخلاقية النبيلة، والتي تساهم  في بناء الانسان  الصالح.

5 ــ المؤسسات والهيئات: ينبغي عليها  تفعيل وتنشيط البرامج العلمية والدورات والندوات التثقيفية لمواكبة التطور والتقدم، لتلبية حاجات المجتمع  من تثقيف الافراد والازواج على قيمة الأسرة على مستوى الاذاعة والتلفزيون  ووسائل التواصل الاجتماعي  والمجلات والصحف وغيرها .

الأهل : عليهم  المسؤولية الكبرى لانهم الاقرب للأبناء من غيرهم فعليهم المتابعة والنصح والتوجيه  والمساعدة والمساندة حتى يستطيع الشاب من اتخاذ القرار المناسب والصحيح في  كل اموره وخصوصاً قرار الزواج، وعلى الابناء والأهل المشاركة في تهيئة مقدمات البيت السعيد الخالي من المشاكل والجميع عليه المساهمة في أنجاح عملية البناء الاسري .

6ــ  الاصدقاء والاقارب والجيران وكل الافراد والجماعات عليها مسؤولية المشاركة في تقليل نسب الطلاق والمساهمة في  تجفيف منابعه وتحفيز عوامل الخير والعطاء بين الازواج من خلال الارشاد والنصح والتوجيه الايجابي.

7 ــ  الاعلام:  التلفزيون والاذاعة  ووسائل التواصل الاجتماعي الايجابية  دورها كبير  في عملية الرشد والتوجيه وبث ثقافة الدين الحنيف وايصال المفاهيم الحقة والسليمة لجميع الافراد، ينبغي مشاركة الهيئات والمنظمات الجماهيرية والحكومية وغير الحكومية في مشروع الاصلاح. 

هذه بعض الامور التي ينبغي توفرها لنتمكن من بناء مجتمع صالح يستحق أن يكون خليفة الله تعالى في أرضه ليحقق حكومة العدل الإلهي لتنعم البشرية بالسعادة وتتخلص من بؤسها.


***********************


***********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة