إعداد / محمـــد الدكـــرورى
أشهر حنفاء العرب قبل الإسلام، أمية بن أبي الصَّلت الثقفي، ويكنى بأبو الحكم، وهو شاعر جاهلي وهو من رؤساء ثقيف، وثقيف هى قبيلة عربية تقيم منذ ما قبل الإسلام وإلى اليوم في مدينة الطائف وما حولها غرب شبه الجزيرة العربية وهي إحدى قبائل قيس عيلان المعروفة بِالقبائل القيسية، وقد اشتهر بالحنيفية والتوحيد وكان من الدعاة إلى نبذ الأصنام وتوحيد الإله، والحنيفية هي دين إبراهيم، الذي تنتسب إليه الأديان الإبراهيمية، وهو الاعتقاد عملا وقولا والإيمان بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو واحد ليس له شريك وهو لا إله غيره، وأن جميع العبادات القلبية الحسية من حب وخوف ورجاء والعبادات البدنية المادية الفعلية تصرف له من صلاة وزكاة ونحوهما، وأن الرسل الذين جاءوا بالدعوة لله هم عباد لله ورسل منه يدعون لعبادته، ومن أشهر حنفاء العرب قبل الإسلام هو أمية بن أبي الصلت، وزيد بن عمرو بن نفيل وقس بن ساعدة.
وذلك اقتداء بإبراهيم الخليل عليه السلام، وهو اول الحنفاء وسيد الحنفيين، ورأس الحنيفية، وكان على الحنيفية جميع الأنبياء من ذريته وأتباعهم، حتى زمن نبى الله عيسى بن مريم عليهما السلام، وهما من الحنيفية، فمن كف من اتباع نبى الله موسى عليه السلام، عن الإيمان بعيسى وسمى باليهودية، ولما جاء النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالقرآن الكريم وبالإسلام، فمن كف من اتباع نبى عيسى عليه السلام عن الإيمان بالإسلام وسمى بالمسيحية، وأما عن أمية بن أبي الصلت فكان شاعر مخضرم من قبيلة ثقيف، التي كانت تسكن الطائف، وكان أبوه أيضا شاعرا، كما كانت له أخت تسمّى الفارعة، وبنتان وعدة أبناء بعضهم شعراء، وأخ اسمه هذيل، وقيل عن أميه بن الصلت أنه قد أسر وقتل مشركا في حصار الطائف، وهو من الحنفاء الذين ثاروا على عبادة الأصنام وآمنوا بالله الواحد واليوم الآخر، وأزعجهم التردّى الخُلقى.
الذي كان شائعا في الجزيرة العربية، وتطلعوا إلى نبي يبعث من بين العرب، بل إنه هو بالذات كان يرجو أن يكون ذلك النبي، وكان أمية يخالط رجال الدين، ويقرأ كتبهم، ويقتبِس منها في أشعاره، وكان رجل أسفار وتجارة، كما كان يمدح بعض كبار القوم، مثل عبدالله بن جدعان، وينال عطاياهم وينادمهم على الخمر، وإن قيل إنه قد حرّمها بعد ذلك على نفسه، وتجمع المصادر على أنه مات كافرا حسدا منه وبغيا، إذ ما إن بلغه مبعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حتى ترَك الطائف فارا إلى اليمن ومعه بنتاه اللتان تركهما هناك، وأخذ يجول في أرجاء الجزيرة ما بين اليمن والبحرين ومكة والشام والمدينة والطائف، وتذكر لنا الروايات مع ذلك أنه وفد على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ذات مرة وهو لا يزال في أم القرى واستمع منه إلى سورة يس، وأبدى تصديقه به مؤكدا لمن سأله من المشركين أنه على الحق.
بيد أن حقده الدفين منعه من أن يُعلن دخوله في الإسلام رسميا وبصورة نهائية، رغم أنه كما جاء في إحدى الروايات أنه كان قد اعتزم أن يذهب إلى المدينة للقاء الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مرة أخرى وإعلان دخوله في الدين الجديد، لكن الكفار خذلوه وأثاروا نار حقده على النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال تذكيره بأنه قتل أقاربه في بدر ورماهم في القليب، فما كان منه إلا أن عاد أدراجه بعد أن شق هدومه وبكى وعقر ناقته مثلما يصنع الجاهليون، ثم لم يكتف بهذا، بل رثى هؤلاء القتلى وأخذ يحرض المشركين على الثأر لهم منضما بذلك إلى جبهة الشرك والوثنية ضد الإسلام، وظل هكذا حتى لقي حتفه، على خلاف في السنة التي مات فيها ما بين الثانية للهجرة إلى التاسعة منها قبل فتح النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الطائف بقليل، وهو الأرجح، وكما أنه كان أحد شعراء ثقيف وشرفائها.
وكما كان أبوه من قبله أحد زعماء ثقيف بالطائف، واتفق النسابون على أن أم قسي بن منبه وهو ثقيف، كانت أميمة بنت سعد بن هذيل، ويروى أن أم ثقيف وهي أميمة بنت سعد بن هذيل، فتزوجها منبه بن بكر بن هوازن، وأما عن الطائف وثقيف، فيروي ابن الأثير في الكامل قال، كانت أرض الطائف قديما لعدوان بن عمرو بن قيس ين عيلان بن مضر فلما كثر بنو عامر بن صعصعه بن معاوية بن بكر بن هوازن غلبوهم على الطائف بعد قتال شديد وكان بنو عامر يصيفون بالطائف ويشتون بأرض نجد، ويروي البكري في معجمه وياقوت في معجم البلدان أن ثقيف لما رحل عن وادي القرى إلى وج والتي سميت بعد ذلك بالطائف قابل رئيسها عامر بن الظرب العدواني وطلب منه تزويجه من ابنة له فولدت له ثلاثة أولاد هم عوف وجشم ودارس ثم ماتت فتزوج بأختها وتكاثر أولاد قسي وهو ثقيف، واشتدت شوكتهم بالطائف.
وكثرت عمارة وج ورمتهم العرب بالحسد وطمع فيهم من حولهم من القبائل وغزوهم فاستغاثوا بقبيلة بني عامر فلم يغيثوهم فأجمعوا على بناء حائط يكون حصنا لهم ولأرضهم سموه الطائف لإطافته بهم وقد جاء بنو عامر كما تعودوا ليأخذوا نصيبهم من إنتاج الأرض فامتنعت ثقيف عن إعطائهم شيء وجرت بين الطرفين معارك كانت الغلبة فيها لثقيف وتفردوا بالطائف والسيادة عليه، والطائف بالإضافة إلى أهميتها فهي مدينة زراعية، والزراعة كانت تعتبر الحرفة الأولى لثقيف، وقد ساعد اعتدال الجو وجودة التربة ووفرة المياه إلى قيام نشاط زراعي واسع فاشتهرت ثقيف بزراعة الفواكه المتعددة وأهمها العنب والرمان وغيرها، وكذلك عرفت ثقيف الصناعة بالأخص صناعة الجلود والدباغة والتجارة والحدادة، بالإضافة إلى التجارة التي نشطت بين أبناء ثقيف حيث أصبحوا يريدون بلاد فارس وبلاد الروم في رحلات عديدة لغرض التجارة.
ومنها القصة الشهيرة لغيلان بن سلمة في وفادتة على كسرى لغرض التجارة، وبذلك كونت ثقيف إحدى أول التجمعات الحضارية في التاريخ العربي، حيث اعتمدت على مكونات الحضارة الأساسية الصناعة والتجارة والزراعة بالإضافة لتربية المواشي والرعي الشيء الأساسي في ذلك الوقت، وهذة الأوضاع الاقتصادية جعلت من ثقيف أرغد العرب عيشا كما وصفهم ياقوت فى كتابه، ولما بلغت الطائف وثقيف هذا القدر من الأهمية أصبح هناك تنافس وتقارب مع مكة وقريش، حيث أصبح هناك ارتباط كبير بين القريتين والقبيلتين لما لهم من مكانة في نفوس العرب، وقال الله تعالى فى كتابه العزيز ( وقالوا لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) فقد جاء في تفسير ابن كثير وقالوا " أَى كالمعترضين على ما أنزله الله عز وجل (لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) أى هلا كان كان إنزال هذا القرآن على رجل عظيم كبير فى أعينهم من القريتين؟ ويقصدون مكه والطائف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق