إعداد / محمـــد الدكـــرورى
لقد أرسل الله عز وجل، أنبيائه ورسله الكرام عليهم جميعا الصلاة والسلام، وكانت مهام الرسل الكرام هو إعطاء الصورة العملية التطبيقية للمنهج، وإن الفرق بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسائر الأنبياء والرسل، هو أن الأنبياء والرسل كلهم صادقون وهم مرسلون من عند الله عز وجل، والمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد، فرد صمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء، ولا يفرقون بين أحد منهم فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، بل الجميع عندهم صادقون راشدون، وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله تعالى، حتى نسخ الجميع بشرع النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
خاتم النبيين والمرسلين، وإن النبي هو ذكر من بني آدم، وقد أوحى الله تعالى، إليه بأمر، فإن أمر بتبليغه فهو نبي ورسول، وإن لم يؤمر بتبليغه فهو نبي غير رسول، وعلى هذا، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا، وأن الرسل والأنبياء بعثوا بالتوحيد الخالص لله وحده عز وجل، وإن عدد الرسل والأنبياء كثير، فقد جاء في حديث أبي ذر الغفارى رضي الله عنه، قلت: يا رسول الله، أي الأنبياء كان أول؟ قال: "آدم" قلت: يا رسول الله، أنبي كان؟ قال: "نعم، نبي مكلم"، قلت: يا رسول الله، كم المرسلون؟ قال: "ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا " وفي لفظ: كم وفاء عدد الأنبياء؟ قال: "مائة ألف وأربعة وعشرين ألفا، الرسل منهم ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا" رواه أحمد، وقيل أنه هو حديث ضعيف.
ولكن وجب علينا الإيمان بهم جميعا، فالإيمان بهم هو ركن من أركان الإيمان، والكفر بأحدهم يعتبر كفرا بالجميع، وسوف نتحدث عن نبى من أنبياء الله تعالى، ألا وهو نبى الله أنوش بن شيث، وأنوش أو إنوش أو إنوس هو أول أبناء شيث ويظهر اسمه أيضا، ويوجد ذكر أنوش في مجموعة من قصص الأنبياء، والتي تظهره كشخص صالح، ويوصف بكونه جد من أجداد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من قبل عديد المؤرخين المسلمين الأوائل مثل ابن إسحاق وابن هشام، وهو أنوش بن شيث هبة الله، بن آدم أبو البشر عليه السلام، وقد قام أنوش بحفظ وصية أبيه فكتب عليه الصحف عن أبينا آدم وظل على عبادة الله تعالى، وأمر قومه بحسن العبادة، وفي أيامه قتل قابيل الذي رماه لامك الأعمى بحجر.
فشدخ رأسه فمات وكان قد وُلد لأنوش قينان بعد أن عاش تسعين سنة، وكان قد أوصى ولده قينان بحسن العبادة وحفظ جسد آدم، ويقال هو أول من دعا اسم الرب ومنحه الله معرفة الأكوان ومسير الكواكب، وأنوش كان والده هو نبى الله شيث عليه السلام، وما رُوى عن شيث أن والده عهد إليه بالنبوة من بعده، فلما مات آدم عليه السلام قام شيث بأعباء الأمر، ومعنى إسم شيث، هو هبة الله أو عطية الله، وقد سماه والداه بهذا الاسم لأنهما رزقاه بعد أن قَتل قابيل أخاه هابيل، وقد كان شيث بارا بوالديه لأقصى درجة، فنقل إليه آدم ما كان لديه من علم، وعندما حضرت آدم عليه السلام، الوفاة عهد لولده شيث بأمر قومه، وأوصاه بألا يعرّف أخاه القاتل تفاصيل وصيته لأنه كان حسودا غير محب للخير.
فتولى شيث عليه السلام، أمرهم بعد أبيه، وعندما توفيت أمه حواء بعد وفاة زوجها بسنة تكفل بأعمال دفنها بالطريقة التى علمتهم إياها الملائكة عندما دفنت أباه، وقد جعل الله تعالى، شيث نبيا بعد موت آدم عليه السلام، والنبى شيث كان على الديانه الصابئه، وحتى اليوم يحلف به الصابئة فى العراق، بل يقولون إنه منبع ديانتهم، وبعده النبى يحيى عليهم السلام، وإن الصابئة ذُكروا فى القرآن الكريم فقال الله عز وجل فى سورة البقره (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) وهم يسمون بالصابئة المندائيين، وبدايتهم كانت فى فلسطين، ومع قدوم نبى الله عيسى عليه السلام خرجوا إلى العراق.
وكانوا يتخذون أماكن عبادتهم على شواطئ الأنهار، ويعمدون أولادهم مثل المسيحيين وكثير من طقوسهم مرتبطة بالمياه، وهم من الموحدين، ويقولون لا إله إلا الله، وكتابهم يسمى الكنز الأعظم، ولهم طقوس خاصة، ورجال دينهم يجب أن يمروا باختبارات عدة، وهم يصلون ثلاث مرات فى اليوم، فى أوقات مختلفه وهى قبل شروق الشمس، وقبل الظهر، وقبل الغروب، وصلاتهم تشبه صلاة الإسلام ولكن دون سجود، وهم أيضا يصومون اثنين وثلاثين يوما فى السنة، ويؤمنون باستنساخ الأرواح، وكما يؤمنون بأن هناك ثلاثة مائه وستون شخصية ليسوا من البشر أو من الملائكة، يحكمون الكون بأمر من الله، وأما عن قبلتهم فهى القطب الشمالى أو نجم الشمال لاعتقادهم بقوة تأثير الكواكب.
وأما عن حكاية النبى شيث والد النبى أنوش فهى تلخص أساس الكثير من مشاكل البشرية، وهى الشهوة التى خلقها الله داخلنا والمحرك لكثير من المعاصىن منذ بداية الخلق، وهى قتل الأخ أخاه من أجل امرأة أحبها، فأرسل الله للأبوين آدم وحواء إبنهم شيث، ليجبر بقلبيهما ويعوضهما، فبدأ قومه يشتهون نساء قوم أخيه، الغريزة تحرك البشرية كلها، والأتقياء فقط هم من يتحكمون بها ويضعونها فى إطارها الشرعى، وأما عن أنوش بن شيث فقد قيل أنه عاش تسعمائة وخمسة وستون سنه، وقد قال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية: فلما مات، قام بالأمر بعده ولده يرد، فلما حضرته الوفاة، أوصى إلى ولده خنوخ، وهو نبى الله إدريس، على المشهور، فلما مات آدم عليه السلام، قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام.
وقد كان نبيا بنص الحديث الشريف، فعن أبي ذر الغفارى رضى الله عنه مرفوعا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيث بن آدم " أنه أنزل عليه خمسون صحيفة، فلما حانت وفاته، أوصى إلى ابنه أنوش، فقام بالأمر بعده، ثم بعده ولده قينن، ثم من بعده ابنه مهلاييل " وهذا الحديث رواه بن حبان، وكان شيث بن آدم هو الذي يزعم الأعاجم من الفرس، أنه ملك الأقاليم السبعة، وأنه أول من قطع الأشجار، وبنى المدائن، والحصون الكبار، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل، ومدينة السوس الأقصى، وأنه قهر إبليس وجنوده، وشردهم عن الأرض إلى أطرافها، وشعاب جبالها، وأنه قتل خلقا من مردة الجن، والغيلان، وكان له تاج عظيم، وكان يخطب الناس، ودامت دولته أربعين سنة.
وقد قيل أنه ولد أنوش عندما كان عمر أبيه شيث بن آدم مائه وخمس سنه، وكان لشيث عدة أبناء وبنات، وأنوش حفيد آدم وحواء، وقال ابن أياس الحنفي رحمه الله، قال الثعلبي، لما علم ادم بقتل هابيل اقام سنة لا يضحك، فاوحى الله تعالى اليه : يا آدم الى كم هذا البكاء والحزن اني معوضك عن هذا الولد بولد يكون صديقا نبيا، واجعل من نسله الانبياء الى يوم القيامة وعلامته انه سيوضع وحده في بطن واحدة " لان حواء دائما كانت لا تلد الا ولدين في بطن واحد كل مرة" فاذا ولد فسمه شيثا، وهو معناه بالسريانية عبد الله، فلما حملت به حواء لم تجد لحمله ثقلا ولا تعبا فولدته من غير مشقة ولما ولدت حواء شيثا كان ما مضى من قتل قابيل لهابيل مائة سنة، فلما ولد شيث وكبر اعتزل ادم الى عبادة ربه وقراءة الصحف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق