إعداد / محمـــد الدكـــرورى
لقد أنجب نبى الله داود عليه السلام من نسائه الكثيرات عددا من الأولاد والبنات منهم بكره أمنون من أخينوعم اليزرعيلية، وثانية هى، كيلاب من أبيجايل امرأة نابال الكرملي، والثالث هو أبشالوم ابن معكة بنت تلماي ملك جشور، والرابع هو أدونيا ابن حجيث، والخامس، هو شفطيا ابن أبيصال، والسادس، هو يثر عام من عجلة امرأة داود، وهؤلاء ولدوا للنبى داود عليه السلام في حبرون، ولم يكن لميكال بنت شاول ولد إلى يوم موتها، ثم تزوج داود من بثشبع امرأة أوريا الحثي التي ولدت له سليمان عليه السلام، ويبدو أن بثشبع كان لها منزلة خاصة في قلب نبى الله داود عليه السلام، منذ عرفها لأول مرة حتى نهاية حياته، ولقد كانت بثشبع تعلم ذلك، ولهذا استطاعت أن تحصل من داود على وعد بتوريث المملكة لابنها سليمان، وإقصاء من بقي حيا من إخوته الآخرين عن الحكم، ولقد وثق داود وعده لبثشبع بقسم غليظ، ولكن أدونيا انتهز فرصة ضعف أبيه في أيامه الأخيرة.
وأعلن توليه المملكة، وهنا تحركت بثشبع ومن شايعها من الحاقدين على أدونيا، واستطاعت انتزاع المملكة لابنها سليمان ثم إن أدونيا ابن حجيث ترفّع قائلا أنا أملك، وأَعدّ لنفسه عجلات وفرسانا وخمسين رجلا يجرون أمامه، ولم يغضبه أبوه قط قائلا لماذا فعلت هكذا؟ وكان أدونيا جميل الصورة جدا وقد ولدته أمه بعد أبشالوم الذي قتل في ثورته ضد أبيه، فذبح أدونيا غنما وبقرا ومعلوفات، ودعا جميع إخوته بني الملك وجميع رجال يهوذا عبيد الملك، وأما ناثان النبي وبناياهو والجبابرة وسليمان أخوه، فلم يدعهم، وأما عن رحبعام، فهو اسم ابن نبى الله سليمان عليه السلام وخليفته على العرش، وقد ولد لسليمان قبل توليه عرش داود أبيه، وكان رحبعام آخر ملك يجلس على عرش إسرائيل المتحدة وأول ملك يجلس على عرش يهوذا بعد انقسام المملكة، وكانت أمة هى نعمة العمونية وقد أصبح رحبعام ملك على اسرائيل وكان عمر رحبعام حين ملك واحد وأربعين سنة.
وقد اعتلى العرش فى أورشليم بعد موت أبيه مباشرة بدون اي مقاومة ولكن الشعب فى القسم الشمالى من المملكة لم يكن راضيا، وطلب إجراء حوار مع الملك الجديد فى اجتماع شعبى يعقد فى شكيم، وهى المدينة الرئيسية فى شمالى إسرائيل، وكانت لهم شروطا معينة حتى يقبلوه ملكا عليهم، وقالوا له " إن أباك الملك سليمان، قسى نيرنا وأما أنت فخفف الآن من عبودية أبيك القاسية" ولقد فرض الملك سليمان ضرائب كثيرة على الشعب، وكذلك سخر الكثير منهم في مشروعاته المعمارية الكثيرة، وجاء الشعب بعد موت سليمان، إلى رحبعام طالبين تخفيف النير حتى يخدموه، وبعد استشارة الشيوخ واستشارة الأحداث الذين نشأوا معه، ترك مشورة الشيوخ الحكيمة وتمسك بمشورة الأحداث وقال للشعب "والآن أبى حملكم نيرا ثقيلا وأنا أزيد على نيركم، أبي أدبكم بالسياط وأنا أؤدبكم بالعقارب" ولقد أساء رحبعام فهم الشعب.
وكما أساء أدراك حدود قدرته، وكان الشعب علي استعداد للتمرد تحت قيادة يربعام بن نباط، الذى كان قائد أكثر حنكة ودهاء، وهكذا أضاع العنف الفرصة التى كان يمكن ان ينتصر فيها اللطف واللين، فقد قوبل تهديد الملك، بهتاف الشعب " أى قسم لنا فى داود، ولا نصيب لنا فى ابن يسى، إلى خيامك يااسرائيل، الآن انظر إلى بيتك يا داود " وهكذا خلع العشرة الأسباط رحبعام عن العرش، واختاروا لأنفسهم بطلهم والمتحدث باسمهم يربعام ليكون ملكا عليهم، فقام رحبعام الذى وثق بقدرته على تنفيذ وعيده، بارسال أدورام، وهو المسئول عن التسخير فزاد ذلك من ثورة الشعب فرجمت الجماهير الغاضبة أدورام، رسول رحبعام حتى الموت، فأدرك رحبعام للمرة الأولى خطورة الموقف فهرب فى خزى، إلى أورشليم ليصبح ملكا على سبطى يهوذا وبنامين فقط، ولقد كان خطأ رحبعام هو الاستبداد والطغيان، ولقد اعتمد كثيرا على امتياز لم يكتسبه.
وذلك عن طريق خدمة الشعب وعلي قوة موروثة ولم يشا أن يحسن استخدامها وقد قام رحبعام بعد رجوعه إلى أورشليم مباشرة بجمع جيش كبير مكون من مائة وثمانين الف رجل للقيام بحرب ضد إسرائيل، ولكن شمعيا النبى قام بمنع الحملة على أساس أنه لا يجب القيام بحرب إخوتهم وأن هذا الانقسام كان من عند الله، ومع ذلك نلاحظ أنه كانت حرب بين رحبعام ويربعام كل الايام، وقد انشغل رحبعام بعد ذلك بتحصين البلاد التى ظلت تحت يده فقام بتحصين عدد من المدن، وكانت تلك المدن على الطريق إلى مصر او على التلال الغريبة لجنوبي يهوذا، وكان الهدف أساسا من هذه التحصينات هو رد هجمات مصر، ومع هذا، أهمل الحياة الروحية للشعب، وترك العبادات الوثنية المستحدثة من أيام أبيه، ولم يلقى بالا للفجور الذي كان منتشرا بين الشعب، ويسجل لنا سفر اخبار الأيام الثانى قصة ازدهار رحبعام ، الذى عاش حياة ثراء.
وكرر ما فعله أبوه فتزوج العديد من النساء اذ كانت له ثمانى عشرة إمراة وستون سرية وكانت معكة أحب نسائه إليه حتى أختار ابنها، أبيا، رأسا وقائدا بين إخوته لكى يخلفه على العرش، وقد أغرى ضعف المملكة المنقسمة، شيشق ملك مصر بغزو إسرائيل ويهوذا، وكان هذا في السنة الخامسة من مُلك رحبعام، وشيشق هذا، كان قد رحب بيربعام بن نباط، عندما هرب من وجه الملك سليمان إلى مصر وغزوة شيشق مذكورة باختصار في الكتاب المقدس، ولكن النقوش الموجودة في معبد آمون في الكرنك بمصر تقدم صورة تفصيلية لهذا الغزو وكذلك لغزوه المملكة الشمالية، وتذكر هذه النقوش أنه استولى على خمسة وثمانين قرية ومدينة في جنوب يهوذا، وكذلك الكثير من المدن الشمالية في إسرائيل، ولقد كان شيشق ملكا قويا، ولقد استخدمه الله لعقاب مملكة يهوذا، التي ارتدت عنه وعبدت آلهة أخرى، وكان لشيشق ألفان
ومائتان مركبة حربية، وستون ألفا من الفرسان، وربعمائة ألفا من المشاة ولقد مات رحبعام وله من العمر ثمان وخمسون سنة بعد ان ملك سبع عشرة سنة، وخلفه ابنه، أبيا، على العرش، ودفن رحبعام فى أورشليم مع آبائه، وقد ورد رحبعام فى سلسلة نسب الرب يسوع ويا للأسف، قال الكتاب عنه "وعمل الشر لأنه لم يهيئ قلبه لطلب الرب" وقيل إن رحبعام كان أحمق متغطرسا احتقر عبادة الله فقلده الشعب فى أفعاله الشريرة" وفى بداية شبابه لم تكن له علاقة حقيقية بالله، ولا استناد قلبي عليه، ولم يفعل كأبيه سليمان ولا كحفيده يوشيا، فسليمان في باكورة حياته عندما تراءى له الرب قائلا "اسأل ماذا أعطيك؟" قد أقرّ بضعفه وقال له "أنا فتى صغير لا أعلم الخروج والدخول" فأعط عبدك قلبا فهيما لأحكم على شعبك وأميز بين الخير والشر، فحسن الكلام في عيني الرب" ويوشيا إذ كان بعد فتى ستة عشر سنه ابتدأ يطلب إله داود أبيه" أما رحبعام فلم يهيئ قلبه لطلب الرب"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق