إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع غزوة الأبواء وقد خاض الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم غزوة الابواء وكان الغرض منها هي تكوين وعمل صلح وليس خوص حرب وبالرغم من ذلك كان المهاجرين مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على استعداد تام لخوض المعركة، وقد نتج عنها أنه عقد عقدا وحلفا مع بني ضمرة من كنانة ولهذا لم يحصل بهذه الغزوة قتال، وبني ضمرة أو كما تعرف اليوم باسم عشائر الضمور وهي إحدى القبائل العربية العدنانية وهم إحدى بطون قبيلة بني كنانة التي تسكن الحجاز و تهامة وقد خرجوا من ديارهم الأصلية في الحجاز إلى الأردن قديما وأصبحوا من عشائر المملكة الأردنية الهاشمية وخرج معهم من الحجاز أبناء عمومتهم قبيلة اللياثنة بني ليث التي تسكن وادي موسى في الأردن، ويرجع نسب عشائر الضمور إلى ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة.
بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهم أحد فروع قبيلة كنانة في الأردن وتسكن معهم في الأردن من فروع قبيلة كنانة كذلك قبيلة اللياثنة بني ليث وعشائر الكنانية، وتجتمع عشائر الضمور مع نسب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في كنانة بن خزيمة، وقد دخل بنو ضمرة في حلف مع تجمع عشائر الغساسنة الأزديين القحطانيين رغم محافظة القبيلة على نسبها الكناني المضري العدناني، وبني ضمرة تتفرع إلى بني غفار وبني نعيلة وبني كعب وبني جدي وبني غفار يوجدون في السعودية وفلسطين ومصر، وعشائر بني ضمرة في الأردن هم السحيمات، عيال ربيع، عيال عودة الله، البوالدة، الحجوج وعيال طه، والعضايله، والعوايشة، وضمور الشمال، والعقول، وأما عن قبيلة بني كنانة فهى قبيلة خندفية مضرية عدنانية ينتمي إليها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وموطنها الأصلي في السعودية.
ويتواجد معظمه أفرادها اليوم في العراق والأردن ومصر والسودان والأحواز وفلسطين وبشكل أقل في تونس والمغرب وسوريا واليمن، ويرجع نسب الكنانين إلى كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان والعدنانيون من بني النبي إسماعيل بن النبي إبراهيم عليهما السلام، ووالدة كنانة هي عوانة بنت سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وقيل ابنة عمها هند بنت عمرو بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وقد تزوج كنانة من برة بنت مر بن إد بن طابخه وهو عمرو، وهى أخت تميم فأنجبت له جميع أبنائه ما عدا عبد مناة، وهالة بنت سويد بن الغطريف بن امرؤ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد أم عبد مناة وقال الطبري قولا آخر أنها الذفراء فكهة بنت هني بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، ولم تكن الحياة فى المدينة المنورة سهلة.
بل كان الأعداء يحيطون بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وصحبه من كل جهة، وقد خرجت الغزوات الإسلامية إلى كل الربوع، وقيل أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد غزا ثمانية عشر غزوة، وقاتل فى ثمان غزوات، أولهن بدر، ثم أحد، ثم الأحزاب، ثم قريظة، ثم بئر معونة، ثم غزوة بنى المصطلق من خزاعة، ثم غزوة خيبر، ثم غزوة مكة، ثم حنين والطائف، وأما عن الأبواء وهو وادي بالحجاز به قبر السيدة آمنة بنت وهب، أم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، والأبواء أو ودان هو مركز تابع لمحافظة رابغ، وتبعد عن رابغ فى شمال منطقة مكة المكرمة، ويمر بها وادي الأبواء، وكانت في الجاهلية وصدر الإسلام من ديار بني ضمرة من قبيلة كنانة، واليوم من ديار بني عمرو من حرب، وسميت الأبواء نسبة إلى الوادي الذي ينحدر إلى البحر جاعلا أنقاض ودان على يساره، وثم طريق إلى هرشى.
ويمر ببلدة مستورة ثم يبحر، وقال ابن كثير، إنما سميت الأبواء لأنهم تبوؤها منزلا، وقيل لأن السيول تبوأتها، ولأنها كانت دربا مطروقا منذ العصر الجاهلي، واستمر بعد الإسلام ولا يزال، وبها قرى عديدة من قديم ينزل بها الناس، فالأنسب أنها تعني المنازل، وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى (والذين أمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين ) والأبواء واد من أودية تهامة، كثير المياه والزرع، ويلتقي فيه واديا الفرع والقاحة فيتكون من التقائهما وادي الأبواء، وقال ابن إسحاق، حتى بلغ ودان، وهي غزوة الأبواء، يريد قريشا وبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، فوادعته فيها بنو ضمرة، وكان الذي وادعه منهم عليهم مخشي بن عمرو الضمري، وكان سيدهم في زمانه ذلك، ثم رجع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة، ولم يلق كيدا.
فأقام بها بقية صفر، وصدرا من شهر ربيع الأول، وقال ابن هشام، وهي أول غزوة غزاها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان أيضا من أهداف هذه الغزوة هو الاستكشاف والتعرف على الطرق المحيطة بالمدينة، والمسالك المؤدية إلى مكة، وعقد المعاهدات مع القبائل التي مساكنها على هذه الطرق، وإشعار مشركي يثرب ويهودها وأعراب البادية الضاربين حولها بأن المسلمين أقوياء وأنهم تخلصوا من ضعفهم القديم، وإنذار قريش علها تشعر بتفاقم الخطر على اقتصادها وأسباب معايشها فتجنح إلى السلم، وتمتنع عن إرادة قتال المسلمين في عقر دارهم، وعن الصد عن سبيل الله تعالى، وعن تعذيب المستضعفين من المؤمنين في مكة، حتى يصير المسلمون أحرارا في إبلاغ رسالة الله تعالى في ربوع شبه الجزيرة العربية، وقد خرج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بنفسه حتى بلغ ودان أو الابواء.
فوادع بني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة مع سيدهم عمارة بن مخشي الضمري الكناني، ثم كر راجعا إلى المدينة ولم يلق حربا وكان قد استخلف عليها سعد بن عبادة وبعث حمزة بن عبد المطلب في ثلاثين راكبا من المهاجرين ليس فيهم أنصاري إلى سيف البحر فالتقى بأبي جهل بن هشام وركب معه زهاء ثلاثمائة فحال بينهم مجدي بن عمرو الجهني لأنه كان موادعا للفريقين وبعث عبيدة بن الحارث بن المطلب في ربيع الآخر في ستين أو ثمانين راكبا من المهاجرين أيضا إلى ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة فلقوا جمعا عظيما من قريش عليهم عكرمة بن أبي جهل، وقيل بل كان عليهم مكرز بن حفص فلم يكن بينهم قتال إلا أن سعد بن أبي وقاص رشق المشركين يومئذ بسهم فكان أول سهم رمي به في سبيل الله وفر يومئذ من الكفار إلى المسلمين المقداد بن عمرو الكندي وعتبة بن غزوان ما فكان هذان البعثان.
أول راية عقدها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ولكن اختلف في أيهما كان أول وقيل إنهما كانا في السنة الأولى من الهجرة وهو قول ابن جرير الطبري، فكانت أول المعارك التي خرج فيها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بنفسه غزوة ودان، قال زين العابدين بن الحسين بن علي، كنا نعلم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلم السور من القرآن، وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص كان أبي يعلمنا المغازي والسرايا ويقول يا بني إنها شرف آبائكم فلا تضيعوا ذكرها، فأول غزوة خرج فيها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ودان وهي قرية جامعة من أعمال الفرع، وبعضهم يسميها غزوة الأبواء، فمنهم من أضافها إلى ودان ومنهم من أضافها إلى الأبواء لأنهما متقاربان في وادي الفرع بينهما ستة أميال، وقيل قد خرج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إليها يريد عيرا لقريش و بني ضمرة.
وقيل لم يكن مريدا لهم بل مريدا للعير التي لقريش فلما لقي بني ضمرة عقد بينه وبينهم صلحا وكان خروجه في ستين راكبا ليس فيهم أنصاري فلم يدرك العير التي أراد، وكان لواؤه أبيض وكان مع عمه حمزة واستخلف على المدينة سعد بن عبادة، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة، وكانت المصالحة بينه وبين بني ضمرة على أنهم لا يغزونه ولا يكثرون عليه جمعا ولا يعينون عليه عدوا وأن لهم النصر على من رامهم بسوء وأنه إذا دعاهم لنصر أجابوه وعقد ذلك معهم سيدهم مخشي بن عمرو الضمري الكناني وكتب بينهم كتابا فيه، بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب محمد رسول الله لبني ضمرة بأنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم وأن لهم النصر على من رامهم بسوء بشرط أن يحاربوا في دين الله ما بل بحر صوفة وأن النبي إذا دعاهم لنصر أجابوه، عليهم بذلك ذمة الله ورسوله، وفي هذه الغزوة تم تحقيق مجموعة من الأهداف للمسلمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق