الخميس، 6 أغسطس 2020

الدكرورى يكتب عن فضل النساء


بقلم / محمـــد الدكـــرورى


إذا تكلمنا عن النساء فسوف نقول أنه قد ساوى الإسلام بين المرأة والرجل في أهليّة الأداء والوجوب، وأثبت لها الحقّ في التصرف، كحق التملك، وحق الشراء والبيع، كما جعل الله ميزان التفاضل بين البشر التقوى والعمل الصالح، دون النظر إلى جنس الشخص، فقد رُفعت مكانة المرأة في الإسلام منذ أن نزلت الرسالة السماوية وبدأت الدعوة المحمدية مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فأبطل الإسلام العديد من العادات والتقاليد التي انتشرت في الجاهلية والتي أساءت للمرأة، ومنها وأد البنات وحرمانها من الميراث الشرعى ومعاملتها على أنها جارية، حتى جاء الإسلام و وضع القاعدة الثابتة التي تجعل النساء والرجال بعضهم من بعض.


وإن الإسلام يخاطب الرجال والنساء على السواء ويعاملهم بطريقة شبه متساوية، وتهدف الشريعة الإسلامية بشكل عام إلى غاية متميزة وهي الحماية، ويقدم التشريع للمرأة تعريفات دقيقة عما لها من حقوق ويُبدي اهتماما شديدا بضمانها، فالقرآن والسنة يحُضان على معاملة المرأة بعدل ورفق وعطف، ومما لا ريب فيه أن الإسلام رفع شأن المرأة في بلاد العرب وحسّن حالها، بل إن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أوصى الزوجات بطاعة أزواجهن، وقد أمر بالرفق بهن، ونهي عن تزويج الفتيات كُرها وعن أكل أموالهن، ولم يكن للنساء نصيب في المواريث أيام الجاهلية، بل إن الرجل كان إذا بشّره أهله ببنت اسودّ وجهُه، وقد حكى القرآن عن ذلك.


وقد اهتم الإسلام بالمرأة، وأوصى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بها وخاصة في خطبة الوداع، إذ قام النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، خطيبا في الناس، ونادى بحق المرأة، وأوصى بها خيرا، فقال: " استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عَوان " وحذر من التقصير في حقّها، لأنها أمانة من الله تعالى عند الرجل، فلا يجوز له الغدر بها، أو خيانتها، ومن وصايا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بها أنه جعل المحافظة عليها من ضرورات الإسلام الخمس، وإحداها حفظ العرض، فلا يجوز قربها إلا بالزواج الشرعي الحلال، ومما يؤكد استمرار وصية النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالنساء إلى يوم القيامة أن الوصية منه جاءت بلفظ " استوصوا " والذي يُفيد الاستمرارية. 


أي ليُوصي منكم الآخر، فلو قال " أوصيكم " لكانت الوصية مُقتصرة على زمن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والصحابة، فقط وقد ذُكر في معنى الوصية أو الاستيصاء بالنساء في الأحاديث أنه: الطلب بقبول الوصية، أي كأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يقول: "أوصيكم فاقبلوا هذه الوصية"، ومما جاء في معنى الاستيصاء بالنساء: إرادة الخير للنساء، وفعل الخير لهن، وهذه وصية عامة، وخطاب مُوجه من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى كل رجل، سواء كان أباً، أو أخاً، أو زوجاً، أو ابناً، أو غير ذلك، وكان من رحمة الله لنا أن جعل التكاثر من التقاء الرجال بالنساء، لقاء يجمع بينهم بمودة ورحمة، وجعل في قلوبنا المحبة للآخر والتقبل له. 


فكان هذا الالتقاء بالزواج هو مؤسسة متكاملة، ووسيلة التكاثر المحللة شرعاً في ديننا الإسلامي، وهو نواة النجاح للمجتمع، وقد حث عليه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في كثير من أحاديثه النبوية الشريفة، فقد قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، " أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلقا، وخياركم خياركم لنسائهم " وقد جاءت هذه الوصية بالمرأة، لأنها أضعف من الرجل، وبحاجة إلى مَن يرحمها، وفي ذلك إشارة من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى أن حُسن خُلق الرجل مع أهل بيته يزيده خيرية، لأنهم أحق الناس بحُسن معاشرته، وتكون الخيرية بمُعاملتها معاملة طيبة، والصبر على زلاتها، وإظهار الفرح والسرور حين لقائها، وكف الأذى عنها.


وقد قال الله عز وجل (وَعَاشرُوهُن بالْمَعرُوف) وذلك بالمحافظة على كرامتها، وعدم إهانتها، كذكر محاسن غيرها من النساء أمامها، أو سَبّها، كما تجب مناداتها بأحب الأسماء إلى قلبها، وردّ السلام عليها حال ملاقاتها، والتودد إليها بالكلام الطيب، وتقديم الهدايا لها، والتغافل حال تقصيرها، والعفو عنها، والمحافظة عليها من الشُبهات ومواطن الفساد، وعدم إجبارها على الخروج من بيتها، وحفظها، وتلبية احتياجاتها جميعها، وذلك كله يُعدّ رعاية للمرأة، فقد قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، " ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " رواه البخاري.


ولقد كرّم الإسلام المرأة، وأعلى من شأنها، سواء كانت أُمّاً، أو أختاً، أو بنتاً، أو زوجة، ومن ذلك أنه أمر الأزواج بالرفق بهن، وحُسن معاشرتهن، ونهى وليها أن يُزوجها لرجل لا تريده، وجعل لها نصيباً من الميراث بعد أن كانت محرومة منه، ورحمة الإسلام بها تتعدى ذلك إلى العديد من المظاهر، كإيجاب المهر لها، وتحريمه على وليّها، وإسقاط النفقة عنها، ومما يدُل على تكريم الإسلام للمرأة أن الله عز وجل، جعل سورة في القرآن خاصة بهن، وهي سورة النساء، ولقد فرض الإسلام على المرأه شروط ومنها طاعة زوجها، ويقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، " إثنان لا تجاوز صلاتهما رءوسهما، عبد آبق من مواليه حتى يرجع، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع" وهو فى صحيح الجامع. 


والمعنى هنا أنه، أي لا ترفع صلاتهما إلى الله تعالى في رفع العمل الصالح ، ولا يلزم من عدم القبول عدم الصحة فالصلاة صحيحة لا يجب قضاؤها لكن ثوابها قليل أو لا ثواب فيها ، والمقصود من عصيان المرأة زوجها بنشوز أو غيره مما يجب عليها أن تطيعه شرعا ، لكن لو عصت المرأة بمعصية كوطئه في دبرها أو حيضها فثواب صلاتهما بحاله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وهذا الحديث يفيد أن منع الحقوق في الأبدان كانت أو في الأموال يوجب سخط الله، ويقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا ، إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه ، قاتلك الله ، فإنما هو عندك دخيل، يوشك أن يفارقك إلينا " رواه الترمذي.


ويقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، " لولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام، ولم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها " وهو فى صحيح الجامع، والمعنى هنا أنه، لم يخبث الطعام، أي لم يتغير ريحه، ولم يخنز اللحم، أى لم يتغير ولم ينتن، ويعني لولا أنهم سنوا ادخار اللحم حتى خنز لما ادخر لحم يخنز، فهو إشارة إلى أن خنز اللحم شيء عوقب به بنو اسرائيل لكفرانهم نعمة ربهم، حيث ادخروا السلوى فنتن وقد نهاهم عن الادخار ولم يكن ينتن قبل ذلك، وكذلك ولولا حواء، ويعني ولولا خلق حواء مما هو أعوج، أو لولا خيانة حواء لآدم في إغوائه وتحريضه على مخالفة الأمر بتناول الشجرة، كانت لم تخن أنثى زوجها، لأنها أم النساء فأشبهنها ولولا أنها سنت هذه السنة لما سلكتها أنثى مع زوجها. 


فإن البادي بالشيء كالسبب الحامل لغيره على الإتيان به، فلما خانت، سرت في بناتها الخيانة فقلما تسلم امرأة من خيانة زوجها بفعل أو قول، وليس المراد بالخيانة الزنا حاشا وكلا، ولكن لما مالت إلى شهوة النفس من أكل الشجرة وزينت ذلك لآدم مطاوعة لعدوه إبليس فقد عد ذلك خيانة له، وأما من بعدها من النساء فخيانة كل واحدة منهن بحسبها، وفيه إشارة إلى تسلية الرجال فيما يقع لهم من نسائهم لما وقع من أمهن الكبرى، وأن ذلك من طبعهن والعرق دساس، فلا يفرط في لوم من فرط منها شيء بغير قصد أو نادراً، وينبغي لهن أن لا يتمسكن بهذا في الاسترسال على هذا النوع بل يضبطن أنفسهن ويجاهدن هواهن، ويخبرنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. 


فيقول " ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود على زوجها التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول والله لا أذوق غمضا حتى ترضى " وهو فى صحيح الجامع، والعؤود هي التي تعود على زوجها بالنفع، فالمرأة في المجتمع هي اللبنة الأولى والأساس في تأسيس الدين القويم، لما لها من دورٍ عظيم في تربية الأبناء، فمن كانت تهتدي طريق الصراط المستقيم وتمشي بنور ما أمر به الله تعالى في كتابه وسنّة نبيّه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد وضعت المرأة حجر الأساس الأول لبناء المجتمع الصالح، وعلى ما تتحمله المرأة في سبيل ذلك فقد جعل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، شكر الأم والإحسان لها وحسن صحبتها من أهم الواجبات على الإنسان.


 فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه فقال " أن رجلا جاء إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، مَن أحق الناس بحسن صحابتى ؟ قال: أُمك، قال: ثم مَن؟ قال: أُمك، قال: ثم مَن؟ قال: أُمك، قال: ثم مَن؟ قال: أبوك، ثم الأقرب فالأقرب" وإن من أبرز صور مكانة المرأة في الإسلام هي ما تقتضيه حياة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من حسن المعاملة مع النساء، وذلك بجعله النساء شقائق الرجال في الأحكام إلا فيما اختص فيه طبيعة أجسادهن، ومما لا شك فيه أن رفع مكانة المرأة في الإسلام هو أحد أعظم مظاهر التكريم، فلقد جاء الإسلام ليصحح النظرة الجاهلية للمرأة على أنها أداة للمزاج يقتنيها الرجل، فوضع لها حقوقها وفرض عليها واجباتها، وأمرها بما يحفظها من الأذى والعيون الجشعة، من خلال الستر والحجاب والابتعاد ما أمكن عن مخالطة الرجال


***********************


***********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة