إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل مع الخليفه يزيد بن معاويه الجزء السابع، ولما وصل خبر تجهيز الجيش إلى مسامع أهل المدينة ضيقوا الحصار على بني أمية ثم أخرجوهم، وبعد ذلك قسموا أنفسهم إلى فريقين كل فريق عليه أمير، وأرسلوا من يردم الآبار التي في طريق المدينة، لكيلا يستسقوا، ثم حفروا خندقاً ليقاتلوا من داخل المدينة، ولكن كان هناك رفض من كبار الصحابة ومن آل البيت للخروج وتحذيرهم لأهل المدينة، فقد، جاء عبد الله بن عمر، إلى عبد الله بن مطيع، حين كان من أمر الحرة ما كان، زمن يزيد بن معاوية، فقال: اطرحوا لأبي عبدالرحمن وسادة، فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول: "من خلع يدا من طاعة، لقي الله يوم القيامة، لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية" وقد رفض محمد بن الحنفية الخروج وقد دفاع عن يزيد بن معاويه، فعندما قال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة ويتعدى حكم الكتاب، فقال لهم محمد بن الحنفيه، ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة، قالوا: فإن ذلك كان منه تصنّعاً لك، فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركائه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا، قالوا: إنه عندنا لحق وإن لم يكن رأيناه.
فقال لهم أبى الله ذلك علـى أهل الشهادة، فقال ( إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ولست من أمركم في شيء، قالو: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نولّيك أمرنا، قال: ما استحل القتال على ما تريدونني عليه تابعاً ولا متبوعاً، فقالوا: فقد قاتلت مع أبيك، قال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه، فقالوا: فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا، قال: لو أمرتهما قاتلت، قالوا: فقم معنا مقاماً نحض الناس فيه على القتال، قال: سبحان الله، آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه؟ إذاً ما نصحت لله في عباده، قالوا: إذاً نكرهك، قال: إذاً آمر الناس بتقوى الله ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق، وقد بايع الناس عبد الله بن حنظلة على الموت، وعبد الله بن حنظلة، هو من صغار الصحابة الكرام.
وكان اسمه عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الراهب عبد عمرو بن صيفي بن النعمان أبو عبد الرحمن الأنصاري الأوسي المدني ، وأبوه هو الصحابي حنظلة بن أبي عامر وكانت أمه هى جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول ، وهو أحد رواة الحديث النبوي الشريف، فقد رأى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يطوف بالبيت على ناقة، وكان عبد الله بن حنظلة على رأس الثائرين على يزيد بن معاوية، في وقعة الحرة ، وقد وفد في بنيه الثمانية على يزيد بن معاوية فأعطاهم مائتي ألف وخلعا ، فلما رجع قال له كبراء المدينة ما ورائك قال جئت من عند رجل لو لم أجد إلا بني لجاهدته بهم ، قالوا إنه أكرمك وأعطاك قال وما قبلت إلا لأتقوى به عليه ، وحض الناس فبايعوه وأمر على الأنصار.
وأمر على قريش عبد الله بن مطيع، وعلى باقي المهاجرين معقل بن سنان الأشجعي، ونفوا بني أمية من المدينة، فجهز يزيد بن معاوية لهم جيشا عليه مسلم بن عقبة ويدعى مسرفا المري في اثني عشر ألفا ، فكلمه عبد الله بن جعفر في أهل المدينة فقال دعني أشتفي لكني آمر مسلم بن عقبة أن يتخذ المدينة طريقه إلى مكة فإن هم لم يحاربوه وتركوه فيمضي لحرب ابن الزبير وإن حاربوه قاتلهم فإن نصر قتل ونهب المدينة ثلاثا ثم يمضي إلى ابن الزبير، وبكن بعد وصول مسلم بن عقبة إلى المدينة قد قام بتوزيع جيشه، وتم إقناع بني حارثة أن يدخلوهم المدينة من عند بيوتهم، فلما دخلوا تشتت جيش أهل المدينة وهربوا إلى بيوتهم ليحموا أهلهم، وقد قام قادة الجيش المدني بالذهاب إلى المنفذ الذي توافد منه أهل الشام
وذلك في محاولة لوقف دخولهم، مما أعطى الفرصة لأهل الشام في ردم الخندق والدخول من هناك بعد انسحاب الناس، وكان عدد القتلى سبعمائة رجل منهم أربعه من الصحابة كما قال الإمام مالك، وقد انتهبت بعض البيوت بعد المعركة من بيوت أهل المدينة، وأدى هذا لترك أحمد بن حنبل رواية الحديث عن يزيد، وأتي بعلي بن الحسين فأكرمه حيث لم يخرج أحد من آل البيت ولا بني عبد المطلب مع أهل المدينة، ثم بايع الناس كلهم ليزيد بيعة جديدة، وكان بعد وفاة الخليفة معاوية بن أبى سفيان، قد تثاقل الصحابي عبد الله بن الزبير، عن بيعة يزيد وشتمه، فغضب يزيد وحلف ألا يؤتى به إلا في الأغلال، وأرسل إليه وفداً يضم: الصحابي النعمان بن بشير، عبد الله الأشعري وعبد الله الفزاري.
وكان النعمان هو، النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس بن زيد الأنصاري الخزرجي، ويكنى أبو عبد الله وهو أحد صحابة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان أول مولود ولد في الإسلام من الأنصار بعد الهجرة بأربعة عشر شهرًا فأتت به أمه وهى أخت عبد الله بن رواحة، تحمله إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فبشرها بأنه سيعيش حميدًا ويُقتل شهيدًا ويدخل الجنة، وقد تمتع النعمان بن بشير، بمنزلة كبيرة بين الصحابة فكان معاوية يقول يا معشر الأنصار تستبطئونني وما صحبني منكم إلا النعمان بن بشير، وقد رأيتم ما صنعت به وكان ولاه الكوفة وأكرمه، وكان عبد الله بن مسعدة الفزاري، هو من صغار الصحابة، وهو من قادة العصر الأموي.
وأرسل معهم كتاباً يحلف فيه عليه إلا أن يأتي وفي يده الأغلال وأرسل قيداً من فضة وبرنساً، ليلبسه عليه فلا يظهر، إلا أن عبد الله بن الزبير رفض وقال: إني لمن نبعة صم مكاسرها، إذا تناوحت القصباء والعشر، فلا ألين لغير الحق أسأله، حتى يلين لضرس الماضغ الحجر، وقد رفض عبد الله بن الزبير، أن يبايع يزيد، وقد حاول يزيد أن يدخل عبد الله بن الزبير في البيعة، فأرسل إليه يزيد يقول : أذكرك الله في نفسك، فإنك ذو سن من قريش، وقد مضى لك سلف صالح، وقدم صدق من اجتهاد وعبادة، فأربب صالح ما مضى، ولا تبطل ما قدمت من حسن، وادخل فيما دخل فيه الناس، ولا تردهم في فتنة، ولا تحل ما حرم الله، إلا أن عبد الله بن الزبير واصل رفض تقديم البيعة ليزيد بن معاويه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق