الاثنين، 26 أكتوبر 2020

الدكرورى يكتب عن الملك نبوخذ نصر (الجزء الثالث)



إعداد / محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء الثالث مع الملك نبوخذ نصر، وقد توقفنا عندما صعد الفراعنة بقيادة ملكهم نخو الثالث، لمساعدة الآشوريين من الحصار من قبل الكلدان، إلا أن الجيش الكلداني بقيادة اميرهم نبوخذ نصر تمكن من الانتصار على الآشوريين والمصريين في معركة كركميش وبعد هذا الانتصار انتهى عهد الآشوريين وتمكن الكلدان من السيطرة على بلاد الشام ووصلوا إلى حدود مصر، وتوفي نبوبولاسر وكان عمره ثلاثه وخمسين سنه، وتولى ابنه نبوخذ نصر الحكم مكانه، ويعتبر نبوخذ نصر أحد أقوى الملوك الذين حكموا بابل وبلاد الرافدين، حيث جعل من الإمبراطورية الكلدانية البابلية أقوى الإمبراطوريات في عهده بعد أن خاض عدة حروب ضد الآشوريين والمصريين، وبلاد الرافدين وهي منطقة جغرافية تاريخية تقع في جنوب غرب آسيا، وتعد من أولى المراكز الحضارية في العالم، وهي تقع حاليا في العراق، وسوريا وتركيا ما بين نهري دجلة والفرات. 


وأشهر حضاراتها هي حضارة سومر وأكد، وبابل، وأشور، وكلدان، والتي نشأت من العراق، ومع إزدهار الحضارات في بلاد ما بين النهرين وفي اوقات متزامنه ومتعاقبة تم احتلال الأراضي المجاورة فأحتلت شرقا أجزاء من إيران وتحديدا حضارة عيلام، وهي تعرف حاليا بمحافظة محافظة خوزستان، وأحتلت غربا سوريا وصولا إلى فلسطين حيث تم السبي البابلي في عهد نبوخذنصر، وبعد موت نبوخذنصر مرت حضارة ما بين النهرين في عهد الإنحطاط والتردي بينما نشأت وتطورت حضارة الفرس فتم احتلال بابل وما بعدها على يد قورش وأصبحت قطيسفون، وهى حاليا معروفة باسم المدائن، جنوب شرق بغداد عاصمة لدولة الفرس حتى جاء ما يعرف بالفتح الإسلامي لبلاد العراق والشام على يد الخليفه عمر بن الخطاب، وبقى العراق في حكم المسلمين حتى بنيت المدينة المدوّرة بغداد على عهد الحاكم العباسي المنصور. 


ثم أصبحت بغداد عاصمة للخلافة العباسية واعتبر ذلك العهد بالعصر الذهبي للحضارة الإسلامية، وقد ذكر فى التوراة أن سفينة نوح رست في بابل أو قربها وأن النبي نوح عليه السلام، هو أبو البشر الثانى، بعد أن بيد جميع البشر في الطوفان، وهذا مما يؤمن به اليهود والمسيحيون، وفي الإسلام يوجد ما يقاربها فيروى عن بعض علماء المسلمين أن سفينة نوح رست في الكوفة وهي قرب بابل، ومن هناك قام أول مجتمع بشري بعد الطوفان ثم انتشر البشر إلى باقي البلدان، وبهذا تكون بلاد الرافدين هي منشأ جميع السلالات البشرية الموجودة حاليا على سطح الأرض، ولكن الحضارات البشرية الأولى ظهرت في بلاد الرافدين وكانت بعد هذه الفترة بمدة ليست بالقصيرة وأنشأتها أقوام مهاجرة من بلاد مختلفة إلى وادي الرافدين وهذه الأقوام هي أولا من السومريين وهم أقوام مهاجرين من مناطق جبلية يفصلها عن وادي الرافدين البحر. 


وكما ورد في الألواح الطينية وهو ما نقله السومريون عن أنهم تركوا موطنا في ارض جبلية يمكن الوصول إليها بحرا، وقد اختلف كبار المؤرخين في تحديد الموطن الأصلي لهم وإن كان الأكثر على أنه من أواسط آسيا أو من جنوب آسيا، ثم أعقبهم الآراميون والعموريون وهم قبائل سامية بدوية هاجرت من الجزيرة العربية بسبب التصحر إلى بلاد وادي الرافدين الوفيرة بالماء والصالحة للزراعة وليؤسسوا الحضارات الأكدية والبابلية والكلدانية والآشورية، وكانت نهاية السومريين على يد العيلاميين القادمين من إيران والعموريين المهاجرين من الجزيرة العربية، وأما عن بلاد ما بين النهرين وهي الأراضي الواقعة بين نهري دجلة والفرات، واللذان ينبعان من جبال أرمينيا في تركيا الحديثة وتغذيهما روافد عديدة، وتغطي صحراء قاحلة معظم رقعة بلاد الرافدين، وتكثر في شمالها المستنقعات والمسطحات الطينية، يتوحد في أقصى جنوبها نهرا دجلة والفرات. 


وهما صابين بعد ذلك في الخليج العربي، وعادة ما تتبع الطرق البرية في المنطقة نهر الفرات بسبب صعوبة وانحدار المناطق المحيطة بنهر دجلة، كما تفتقر أرض المنطقة إلى المعادن ومصادر الخشب والحاجرة المناسبة للبناء إلا أن تجارة المزروعات كانت تستخدم لشراء هذه المواد، ويسمح معدل الأمطار في الشمال بالزراعة اعتمادا عليها، أما جنوبا فتستخدم المياه الجوفية والسيول الناتجة عن ذوبان القمم المتجمدة من جبال زاغروس ومن المرتفعات الأرمينية، واللذان هما مصدر نهري دجلة والفرات، وقد اعتاد قاطنوا المنطقة منذ القدم على بناء وصيانة القنوات المائية لاستخدامها في الزراعة، مما أدى إلى ازدهار المنطقة وساعد في تطوير المستوطنات الحضرية والنظم السياسية، أما رعاة الأغنام والماعز والجمال، فقد كانوا يتنقلون بيت ضفاف الأنهار في أشهر الصيف الجافة وبين المناطق الموسمية على حافة الصحراء في مواسم الشتاء. 


حيث يزداد معدل هطول الأمطار، وكما وجدت منذ العصور القديمة جماعات سكانية اعتمدت على الصيد بشكل أساسي في منطقة الأهوار جنوب البلاد، وقد أدت الزيادة السكانية الناتجة عن ازدهار المنطقة إلى عدد من المشكلات بسبب عدم قدرة البيئة على تأمين ما يكفي من الموارد، وترتبت على ذلك فترة من عدم الاستقرار السياسي، انهارت على إثرها الحكومة المركزية وانخفض عدد سكان المنطقة، بسبب ذلك الضعف أضحت البلاد عرضة للغزو من قبل الرعاة الرحل وقبائل التلال مما أداى إلى انهيار التجارة وإهمال أنظمة الري، ثم نشأت نزاعات على السلطة انتهت بوحدات إقليمية قبلية، ولا يزال النسيج المجتمعي القبلي مستمرا بسبب ذلك حتى اليوم في العراق، وأما عن الإمبراطورية البابلية الحديثة فهي امبراطورية اسسها نبوبولاصر الكلدي واستمر حكمها، وتحرروا في البداية من حكم الآشوريين بعد ان سيطر نبوبولاصر، على اقليم بابل. 


الذي كان تابعا لحكم الآشوريين فتمكن في البداية من اعلان الاستقلال عن حكم الآشوريين وثم سيطر على كامل اقليم بابل والمناطق الجنوبية من بابل وتمكن من توحيد القبائل الكلدية، الا ان الآشوريين استمروا بمضايقة الكلدان وكانوا ينوون الإطاحة بنبوبولاسر, الا ان الملوك الآشوريين الذين خلفوا آشوربانيبال كانوا ضعفاء، بينما تمكن نبوبولاسر من توحيد القبائل الكلدية فلم يتمكن الاشوريين من اسقاط حكم الكلديين هذه المرة كما فعلوا في عدة مرات سابقة، فتمكن نبوبولاسرو بالتعاون مع الميديين من اسقاط مدينة نينوى عاصمة الآشوريين، واسس امبراطورية كبيرة وتميزت الامبراطورية الكلدانية بالعمران والفنون والعلوم، و كان حكام بابل استعادوا تراث بلاد ما بين النهرين القديم، حيث احيوا التراث السومري الاكدي وبالرغم ان اللغة الآرامية اصبحت اللغة العامية عند البابليون لكن اللغة الأكادية كانت اللغة الرسمية في الوثائق والدواوين الرسمية.


***********************


***********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة