إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع الملك نبوخذ نصر، وقد توقفنا عندما زعموا أن قوته كانت تكمن في حكمته التي كان يستخدمها لمساعدة الناس الأخيار على معاقبة الناس الأشرار، وقد كانت له عدة صفات خارقة لكن أبرز صفتين كانتا فقيل أنه يرى بجميع الزاويا وأنه يلقي كلمات سحرية، ولقد كان بسبب العلاقات السياسية بين بابل وإريدو، كان مردوك يُعتبر بكر انكي أو آيا رب المياه السفلى وهو كأوقيانوس تحت الأرض يسمى افسو، الذي يُعبد في اريدو، وحين أسّس الأموريون، أول سلالة بابلية ستسيطر في ايام حمورابي على كل بلاد الرافدين، صار الاله مردوك اله المملكة، وكان لهذا التبديل نتائج على اللاهوت، فاستطاع علماء بابل أن يبرروا ارتفاع شأن مردوك، فحسب فاتحة شريعة حمورابي، اعطى انو وهو الاله السامي في البنتيون الاكادي منذ زمن السومريين، وانليل وهو بالو اي بعل أي السيد، ومردوك المُلك الابدي على كل المائتين.
وقد منحاه المقام الأول بين كل آلهة السماء، وتعطي السبب لذلك ملحمة الخلق إنوما إليش أي قصة الخلق البابلية، وقد تجرّأ مردوك وحده على صراع تيامات وهو تشخيص الشواش والفوضى الأولى، وقد انتصر عليه، فنال مردوك لقب انليل وهو بالو أو السيّد، وارتبطت به هذه الصفة بحيث سمّي مرارا بال، واي ساغ ايلا، وهوالبيت الذي يرفع الرأس، في بابل مع البرج المشهور، اي تمن أن كي، وهو بيت أساس السماء والأرض برج بابل، وباب الشرق المقدس الذي كان مقفلا طوال السنة، ولكن كان يُفتح بضعة ايام خلال الشهر السادس من اجل الطواف مع مردوك ونابو، وكان للإله مردوخ ابن واحد وهو الإله نابو إله بورسبا، وتوضح أسطورة الخليقة إن مردوخ تزوج صاربانيتوم وانجبا نابو، وعُرف هذا الإله كشفيع لفن الكتابة وللكتبة، ففي القرن السادس قبل الميلاد، ومنذ بداية القرن الثامن قبل الميلاد قد تطورت عبادة الإله نابو.
وكانت زوجة نابو هي تاشميتيوم، أي المستجيبة، وكان لأبن مردوخ دور كبير في أنقاذ أبيه مردوخ في أعياد رأس السنة الجديدة التي يُحتفل بها في الربيع وهو نيسان، وتتميّز بطواف احتفالي إلى اكيتو وهو بيت الاعياد، الواقع خارج المدينة، وكان يتم الاحتفال بتلاوة ملحمة الخلق وتنصيب مردوك كخالق الكون وملكه، وكانوا يعلنون أن هذا اليوم يثبّت مصير البشر والالهة للسنة القادمة وان الذكر القديم لعيد السنة الجديدة كعيد الخصب، وقد ظلّ حيا في طقس زواج مردوك مع زوجته صربانيتوم ويجمع تمثاله وتمثالها أو يتجامع الملك مع إحدى الكاهنات، وكان هذا الطقس هو الشرط الضروري لحفظ الحياة على الأرض، وفي اليوم السادس من عيد الأكيتو يإتي موكب الإله نابو ليخلص أبيه مردوخ من الأسر، وهو من العالم السفلى، بعد أن يقتل الوحوش والخنازير الوحشية والشياطين التي تحتجز مردوخ، وأما عن الفرس فهم شعب غرب آسيوي.
وكان يقطن منطقة فارس التاريخية في هضبة إيران الآسيوية ويتحدث اللغة الفارسية وهي لغة هندوأوروبية، وينتمي الفرس الأوائل إلى المجموعة الآرية، ولكن مع مرور الزمن امتصت المجموعة الفارسية العديد من الشعوب التي كانت تقطن أو قطنت المنطقة واستوعبتها خلال فترات عديدة، ومن هذه الشعوب العرب واليونانيين والترك والمغول وغيرهم، فمثلا الهزارة في أفغانستان يضمون سلالات تنسب لبقايا المغول حيث يشبه الهزارة في بنيتهم العرق الأصفر من ناحية شكل العيون والوجه في حين أن الفرس في غرب إيران لهم علاقات وترابط مع الأكراد و العرب، وقد أسس الفرس العديد من الدول والإمبراطوريات على مر التاريخ مثل الأخمينيين والساسانيين في حقبة ما قبل الإسلام، إضافة إلى سلالات حكمت في حقبة بعد الإسلام مثل السامانيين وغيرهم، وتُعد غالبية الفرس على أنهم يدينون بالإسلام.
وكان ذلك على المذهب الشيعي الإثني عشري في حين يُعد الفرس في المناطق الشرقية تابعون للمذهب السني، وهذا أن نسبة قليلة من الفرس لا زالت تدين بديانات ما قبل الإسلام مثل الزرادشتية، وأما عن نبوخذ نصر أو بختنصر أو بخترشاه، فهو أحد الملوك الكلدان الذين حكموا بابل، وبابل هي مدينة عراقية كانت عاصمة البابليين أيام حكم حمورابي حيث كان البابليون يحكمون أقاليم ما بين النهرين، وقد وافقت منظمة اليونسكو على إدراج بابل في لائحة التراث العالمي، وقد اختيرت عاصمة للسياحة العربية، وقد حكمت سلالة البابليين الأولى تحت حكم حمورابي قبل الميلاد في معظم مقاطعات ما بين النهرين، وأصبحت بابل العاصمة التي تقع علي نهر الفرات، التي اشتهرت بحضارتها، وقد بلغ عدد ملوك سلالة بابل والتي عرفت بالسلالة الآمورية، العمورية، إلى احدى عشر ملكا وقد حكموا ثلاثة قرون قبل الميلاد.
وفي هذه الفترة بلغت حضارة المملكة البابلية أوج عظمتها وازدهارها وانتشرت فيها اللغة البابلية بالمنطقة كلها، حيث ارتقت العلوم والمعارف والفنون وتوسعت التجارة لدرجة لا مثيل لها في تاريخ المنطقة، وكانت الإدارة مركزية والبلاد تحكم بقانون موحد، وضعه الملك حمورابي لجميع شعوبها، وقد دمرها الحيثيون، ثم حكمها الكاشانيون، وقد انتعشت بابل مره أخرى، وخصوصا أيام حكم الملك الكلداني نبوخذ نصر حيث قامت الإمبراطورية البابلية، وكانت تضم بلادا من البحر الأبيض المتوسط وحتى الخليج العربي، وقد استولى عليها قورش الفارسي، وقتل آخر ملوكها بلشاصر، وكانت مبانيها من الطوب الأحمر، واشتهرت بالبنايات البرجية وهى الزيجورات، وكان بها معبد إيزاجيلا للإله الأكبر مردوخ أو مردوك، والآن أصبحت أطلالا، وقد عثر بها على باب عشتار وشارع مزين بنقوش الثيران والتنانين والأسود الملونة فوق القرميد الأزرق.
وأما عن نبوخذ نصر فكان أكبر أبناء نبوبولاسر، ونبوبولاسر، هو ملك كلداني وهو أحد ملوك الأمبراطورية البابلية الثانية، وهو والد الملك نبوخذ نصر، وكان لنبوبلاسر الدور الكبير في إسقاط الإمبراطورية الآشورية، وذلك بعد وفاة اخر ملوكها الاقوياء آشور بانيبال، وحكم نبوبولاسر بابل، وبعد موت الإمبراطور الاشوري آشور بانيبال قرر نبوبولاسر العصيان على الحكم الاشوري فنصب نفسه ملكا على بابل، وقد ضعفت قوة الآشوريين بعد وفاة آشور بانيبال فقاد نبوبولاسر جيش من الكلدانيين لمهاجمة نينوى عاصمة الإمبراطورية الآشورية، وتمكن نبوبولاسر وبمساعدة الميديين من الانتصار على الآشوريين في معركة نينوى فتمكن نبوبولاسر من الدخول إلى نينوى وإسقاطها، إلا أن الآشوريين اتجهوا نحو مدينة حران واتخذوها عاصمتهم الجديدة بعد إسقاط نينوى، وقد صعد الفراعنة بقيادة ملكهم نخو الثالث، لمساعدة الآشوريين من الحصار من قبل الكلدان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق