إعداد محمـــد الدكــــرورى
ونكمل الجزء الثالث ومع الخليفه مروان بن محمد ، وأما عن القبائل اليمانيه أو هم القحطانيون أو العرب القحطانية وهم القبائل التي تعود بأصلها إلى جد مشترك وقد عرف عند النسابة والإخباريين العرب باسم قحطان، وكانت أرضا صحرواية في قرية الفاو، والقحط فهو مسمى لأرض وليس جدا، وقيل أن قحطان جدا وهو جد أكبر للعرب العاربة وتلك التي يعتقد أنها إما خرجت من اليمن أو كانت ذات علاقة قوية بممالك اليمن القديم، ونكمل مع مروان فبعدما أقبل مروان بجيوشه يطلب دم الوليد، فلما انتهى إلى حران تصالح مع رسل يزيد بن الوليد وبايعه، ولم يلبث إلا قليلًا حتى بلغه موت يزيد، فأقبل في أهل الجزيرة حتى وصل قنسرين فحاصر أهلها فنزلوا على طاعته.
وقنسرين هو موقع أثري سوري في هضبة حلب الجنوبية وهو عبارة عن مدينة أثرية، يبعد الموقع حوالي اربعين كم عن مدينة حلب، وتاريخيآ كانت قنسرين ذات أهمية كبيرة بالنسبة للكنيسة السريانية الأرثوذكسية فكانت تحتوي على مدرسة لاهوتية ضاهت مدرستي الرها ونصيبين، وكما أصبحت بعد الفتوحات الإسلامية موقعا عسكريا هاما في هذه المنطقة من سوريا، ثم أقبل مرون بن محمد إلى حمص وكان يحاصرها عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك الذي أرسله الخليفة الجديد إبراهيم بن الوليد فحاصرهم حتى يبايعوا لإبراهيم بن الوليد، وأصروا على عدم بيعته، فلما بلغ عبد العزيز قرب مروان بن محمد رحل عنها، وقدم مروان إليها فبايعوه وساروا معه قاصدين دمشق، ومعهم جند الجزيرة وقنسرين.
وكان كلهم في ثمانين ألف مقاتل، وقد بعث إبراهيم بن الوليد أبن عمه سليمان بن هشام بن عبد الملك في مائة وعشرين ألف مقاتل، فالتقى الجيشان عند عين الجر من البقاع، فدعاهم مروان إلى الكف عن القتال وأن يطلقوا ابني الوليد بن يزيد الخليفة المقتول وهما الحكم وعثمان اللذان قد أخذ العهد لهما بالخلافة، وكان يزيد قد سجنهما بدمشق، لكن سليمان ومن معه أبوا عليه ذلك، فاقتتلوا قتالًا شديدًا من حين ارتفاع النهار إلى العصر، وبعث مروان سرية تأتي جيش ابن هشام من ورائهم، فتم لهم ما أرادوه، وأقبلوا من ورائهم يكبرون، وحمل الآخرون عليهم، فكانت الهزيمة في أصحاب سليمان، واستبيح عسكرهم، فقتل منهم أهل حمص خلقا كثيرا، بينما أهل قنسرين والجزيرة كفو عنهم.
وكان مقدار ما قتل من أهل دمشق سبعة عشر ألفا وأسر منهم مثلهم، فأخذ عليهم مروان البيعة للغلامين ابني الوليد، الحكم وعثمان، وأطلقهم كلهم سوى رجلين، وهما: يزيد بن العقار الكلبي والوليد بن مصاد الكلبي، فضربهما بين يديه بالسياط وحبسهما فماتا في السجن، لأنهما كانا ممن باشر قتل الوليد بن يزيد حين قتل، وأما سليمان ومن معه أنهزموا إلى بدمشق، فأخبروا الخليفة إبراهيم بن الوليد، فاجتمع معهم رؤس الأمراء في ذلك الوقت وهم: عبد العزيز بن الحجاج، ويزيد بن خالد بن عبد الله القسري، وأبو علاقة السكسكي، والأصبغ بن ذؤالة الكلبي، وغيرهم، وأما عن خالد بن عبد الله القسري البجلي، فهو قائد أموي سكن دمشق ايام الأمويين من بطن شق الكاهن، من بنو قسر بنو مالك.
وهو من قبيلة بجيلة، ويكنى أبا القاسم وقيل أبا الهيثم، وقد تباينت أقوال المراجع بشأن سيرته، فمنهم من ذمه وشتمه، ومنهم من مدحه وبجله، والأكثرون على ذمه لبغي فيه، حتى أنه هلك بسبب ذلك، إذ قتله الخليفة الأموي، وخالد هو من قتل الجعد بن درهم عندما كان واليا على العراق حيث قال قبل قتلة: ياأيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فاني مضح بالجعد بن درهم لإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد بن درهم علواً كبيرا، وأتفقوا على قتل ابني الوليد: الحكم وعثمان، خشية أن يلي الخلافة أحد منهم فيقتل من قتل أباهم الوليد، فبعثوا إليهما يزيد بن خالد بن عبد الله القسري، فعمد إلى السجن وفيه الحكم وعثمان ابنا الوليد وقد بلغا، فشدخها بالعمود.
وقتل معهم في السجن يوسف بن عمر الثقفي، الوالي السابق لهشام والوليد على العراق، ويوسف بن عمر بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي، هو أمير العراق وخراسان لهشام بن عبد الملك، ثم أقره الوليد بن يزيد على العراق، وكان شهما سائسا مهيبا جبار عسوف جواد معطاء، وقد كان ولي اليمن قبل العراق، ويوسف بن عمر هو بن عم الحجاج بن يوسف الثقفي، قيل عنه أنه لما هلك الحجاج بن يوسف الثقفي ، وتولى بعد يزيد بن المهلب العراق لسليمان بن عبد الملك أخذ يوسف بن عمر مع آل الحجاج ليعذب وكان يزيد بن المهلب يبغض الحجاج وأقاربة، فقال يوسف : أخرجوني أسأل، فدفع إلى الحارث الجهضمي وكان مغفلا، فأتى دارا لها بابان، فقال : دعني أدخل إلى عمتي أسألها فدخل وهرب من الباب الآخر .
وكان في سجنهما أيضا أبو محمد السفياني فهرب فدخل في بيت داخل السجن وجعل وراء الباب ردمًا، فحاصروه فامتنع، فأتوا بنار ليحرقوا الباب، لكنهم انشغلوا بقدوم مروان إلى دمشق، ومحمد السفيانى هو زياد السفياني، وهو زياد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، ولقبه أبو محمد، وهو أمير أموي، وقد ثار على الخليفه مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، وقبض عليه مروان، وحبسه، ثم أطلقه بعد سنة، وبعد قيام الدولة العباسية ثار مع مجزأة بن الكوثر القيسي وكان قد أعلن الثورة في شمال الشام ضد العباسيين، وانضمت إليه أهل حمص، وتدمر، وفيهما قبائل يمانية، ونصب الثائرون زياداً خليفة عليهم باعتباراه من يعيد حكم بني أمية، وقد توجه إليهم جيش عباسي بقيادة عبد الله بن علي العباسي.
والتقوا في معركة مرج الأجم وهى قرب حلب، ثم هزموا على يد العباسيين، ثم فر زياد إلى مكة متخفيا حتى علم والي الحجاز العباسي زياد بن عبد الله الحارثي بأمره، فقاتله، وقتله، وأرسل ولديه أسيرين، مع رأس زياد إلى الخليفة أبي جعفر المنصور، وكان لما أقبل مروان واقترب من دمشق، هرب إبراهيم بن الوليد، وذهب سليمان بن هشام إلى بيت المال وأنفق ما فيه على من اتبعه من الجيوش، وسار موالي الوليد بن يزيد إلى دار عبد العزيز بن الحجاج فقتلوه فيها، وانتهبوها ونبشوا قبر يزيد بن الوليد وصلبوه على باب الجابية، ودخل مروان بن محمد دمشق، وأتي بالغلامين الحكم وعثمان مقتولان وكذلك يوسف بن عمر فدفنوهم، وأتي بأبي محمد السفياني وهو في الأغلال فسلم على مروان بالخلافة، فقال مروان: مه؟؟
فقال السفياني: إن هذين الغلامين جعلاها لك من بعدهما، ويقصد الخلافة، ثم قال أبو محمد السفياني لمروان: ابسط يدك، فكان أول من بايعه بالخلافة، ثم معاوية بن يزيد بن الحصين بن نمير السكوني ثم بايعه رؤس أهل الشام من أهل دمشق وحمص وغيرهم، ثم قال لهم مروان: اختاروا أمراء نوليهم عليكم، فاختار أهل كل بلد أميرا فولاه عليهم، فعلى دمشق: زامل بن عمرو الجبراني، وعلى حمص: عبد الله بن شجرة الكندي، وعلى الأردن: الوليد بن معاوية بن مروان، وعلى فلسطين: ثابت بن نعيم الجذامي، ولما استوت الشام لمروان بن محمد رجع إلى حران وعند ذلك طلب منه إبراهيم بن الوليد الذي كان خليفة وابن عمه سليمان بن هشام الأمان فأمنهما، وقدم عليه سليمان بن هشام في أهل تدمر فبايعوه، ثم لما استقر مروان في حران أقام فيها ثلاثة أشهر فانتقض عليه ما كان انبرم له من مبايعة أهل الشام، فنقض أهل حمص وغيرهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق